للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما ولى عبيد الله بن الحبحاب على إفريقية من قبل هشام بن عبد الملك، وأمره أن يمضي إليها من مصر، فقدمها سنة أربع عشرة ومائة واستعمل عمر بن عبد الله المرادي على طنجة والمغرب الأقصى وابنه إسماعيل على السوس وما وراءه. واتصل أمر ولائهم وساءت سيرتهم في البربر ونقموا عليهم أحوالهم، وما كانوا يطالبونهم به من الوصائف البربريات والأردية [١] العسلية الألوان، وأنواع طرف المغرب، فكانوا يتغالبون في جمعهم ذلك وانتحالة. حتى كانت الصرمة من الغنم تهلك بالذبح لاتخاذ الجلود العسلية من سخالها، ولا يوجد فيها مع ذلك إلا الواحد وما قرب منه.

فكثر عيثهم بذلك في أموال البربر وجورهم عليهم، وامتعض لذلك ميسرة الحسن [٢] زعيم مضغرة الحسن وحمل البرابرة على الفتك بعمر بن عبد الله عامل طنجة فقتلوه سنة خمس وعشرين [٣] ومائة وولى ميسرة مكانه عبد الأعلى بن خديم [٤] الإفريقي الرومي الأصل، كان من موالي العرب وأهل خارجيتهم، وكان يرى رأي الصفرية، فولاه ميسرة على طنجة، وتقدم إلى السوس فقتله عامله إسماعيل بن عبد الله، واضطرم المغرب نارا وانتقض أمره على خلفاء المشرق فلم يراجع طاعتهم بعد.

وزحف بعض الحجاب إليه من القيروان في العساكر على مقدمة خالد بن أبي حبيب الفهري، فلقيهم ميسرة في جموع البرابرة فهزم المقدمة واستلحمهم، وقتل خالد.

وتسامع البربر بالأندلس بهذا الخبر فثاروا يعاملهم عقبة بن الحجاج السلولي وعزلوه، وولوا عبد الملك بن قطن الفهري، وبلغ الخبر بذلك إلى هشام بن عبد الملك فسرح كلثوم بن عياض المري في اثني عشر الفا من جنود الشام، وولاه على إفريقية وأدال به من عبيد الله بن الحبحاب (القسم الثاني المجلد السادس) وزحف كلثوم إلى البرابرة سنة ثلاث وعشرين ومائة حتى انتهت مقدمته الى اسبو من أعمال طنجة فلقيه البرابرة هنالك مع ميسرة وقد فحصوا عن أوساط رءوسهم ونادوا بشعار الخارجية فهزموا مقدمته ثم هزموه وقتلوه.


[١] وفي نسخة أخرى: الأفرية.
[٢] وفي نسخة أخرى: ميسرة الحفيد وقد ذكر من قبل الحفير.
[٣] وفي النسخة التونسية: سنة اثنتين وعشرين.
[٤] وفي نسخة أخرى: عبد الأعلى بن خدع.

<<  <  ج: ص:  >  >>