للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخوارج لقنوه عن أئمتهم ورءوسهم من العرب لما لحقوا من المغرب وأسروا على الامتناع وماجت أقطار المغرب لفتنة ميسرة. فلما اجتمع على هذا المذهب زهاء أربعين من رجالاتهم نقضوا طاعة الخلفاء وولّوا عليهم عيسى بن يزيد الأسود من موالي العرب ورءوس الخوارج. واختطّوا مدينة سجلماسة لأربعين ومائة من الهجرة. ودخل سائر مكناسة من أهل تلك الناحية في دينهم. ثم سخطوا أميرهم عيسى ونقموا عليه كثيرا من أحواله فشدّوه كتافا ووضعوه على قنّة جبل إلى أن هلك سنة خمس وخمسين ومائة واجتمعوا بعده على كبيرهم أبي القاسم سمكو بن واسول بن مصلان [١] بن أبي نزول. كان أبوه سمقو [٢] من حملة العلم، ارتحل إلى المدينة فأدرك التابعين وأخذ عن عكرمة مولى ابن عباس، ذكره عريب بن حميد في تاريخه، وكان صاحب ماشية وهو الّذي بايع لعيسى بن يزيد وحمل قومه على طاعته فبايعوه من بعده.

وقاموا بأمره إلى أن هلك سنة سبع وستين ومائة لمنتهى عشر سنين [٣] من ولايته.

وكان أباضيا صفريّا. وخطب في عمله للمنصور والمهدي من بني العبّاس. ولمّا هلك ولّوا عليهم ابنه إلياس، وكان يدعى بالوزير. ثم انتقضوا عليه سنة أربع وتسعين ومائة فخلعوه وولّوا مكانه أخاه اليسع بن أبي القاسم وكنيته أبو منصور، فلم يزل أميرا عليهم، وبنى سور سجلماسة لأربع وثلاثين سنة من ولايته. وكان أباضيا صفريّا. وعلى عهده استفحل ملكهم بسجلماسة. وهو الّذي أتمّ بناءها وتشييدها، واختطّ بها المصانع والقصور، وانتقل إليها آخر المائة الثانية، ودوّخ بلاد الصحراء وأخذ الخمس من معادن درعة، وأصهر لعبد الرحمن بن رستم صاحب تاهرت بابنه مدرار في ابنته أروى فأنكحه إياها.

ولما هلك سنة ثمان ومائتين ولي بعده ابنه مدرار ولقبه المنتصر، وطال أمر ولايته.

وكان له ولدان اسم كلّ واحد منهما ميمون، أحدهما لأروى بنت عبد الرحمن بن رستم، وقيل إنّ اسمه أيضا عبد الرحمن. والآخر لبغي [٤] وتنازع في الاستبداد على


[١] وفي النسخة الباريسية: مصلات بن أبي يزول.
[٢] وفي النسخة الباريسية: ابو سمقو وفي نسخة أخرى أبو سمكو.
[٣] وفي النسخة التونسية: لاثنتي عشرة سنة من ولايته.
[٤] وفي نسخة ثانية: لتقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>