للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيري بن مناد وليّ الدولة منذ عهد أخذه ما بيده من أيدي زناتة وأموالها في سبيل الاباء على [١] الدولة والمظاهرة للدولة.

[(دولة بلكين بن زيري)]

فبعث خلف بلكين بن زيري وكان متوغّلا في المغرب في حروب زناتة، وولّاه أمر إفريقية ما عدا أصهلية كانت لبني أبي الحسين الكلبي، وطرابلس لعبد الله بن يخلف الكتامي وسمّاه يوسف بدلا من بلكّين، وكنّاه أبا الفتوح، ولقبه سيف الدولة، ووصله بالخلع والأكسية الفاخرة. وحمله على مقرّباته بالمراكب الثقيلة وأنفذ أمره في الجيش والمال وأطلق يده في الأعمال. وأوصاه بثلاث: أن لا يرفع السيف عن البربر، ولا يرفع الجباية عن أهل البادية، ولا يولّي أحدا من أهل بيته.

وعهد إليه أن يفتح أمره بغزو المغرب لحسم دائه، وقطع علائق الأموية منه. وارتحل يريد القاهرة سنة اثنتين وستين وثلاثمائة ورجع عنه بلكين من نواحي صفاقس فنزل قصر معدّ بالقيروان، واضطلع بالولاية وأجمع غزو المغرب فغزاه في جموع صنهاجة ومخلّف كتامة وارتحل إلى المغرب، وفرّ أمامه ابن خزر صاحب المغرب الأوسط إلى سجلماسة.

وبلغه خلاف أهل تاهرت وإخراج عامله فرحل إليها وخرّبها. ثم بلغه أنّ زناتة اجتمعوا إلى تلمسان فرحل إليهم فهربوا أمامه. ونزل على تلمسان فحاصرها حتى نزل أهلها على حكمه ونقلهم إلى أشير. وبلغه كتاب معدّ ينهاه عن التوغّل في المغرب فرجع. ولمّا كان سنة سبع وستين وثلاثمائة رغب بلكّين من الخليفة نزار بن المعز أن يضيف إليه عمل طرابلس، وسرت وأجدابية فأجابه إلى ذلك وعقد له عليها. ورحل عنها عبد الله بن يخلف الكتامي وولّى بلكّين عليه من قبله. ثم ارتحل بلكّين إلى المغرب، وفرّت أمامه زناتة فملك فاس وسجلماسة وأرض الهبط وطرد منها عمال بني أمية، ثم غزا جموع زناتة بسجلماسة وأوقع بهم وتقبّض على ابن خزر أمير مغراوة فقتله. وجعل ملوكهم أمامه مثل بني يعلى بن محمد النفزيّ [٢] وبني عطيّة بن عبد الله


[١] وفي نسخة أخرى: في سبيل الذبّ عن الدولة.
[٢] وفي نسخة أخرى: اليفرني.

<<  <  ج: ص:  >  >>