للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثلاثمائة يسترجعه من أيدي زناتة. وقد بلغه أنهم ملكوا سجلماسة وفاس، فلقيه زيري بن عطية المغراوي الملقّب بالقرطاس أمير فاس فهزمه ورجع إلى أشير.

وأقصى المنصور بعدها عن غزو المغرب وزناتة، واستقلّ به ابن عطية وابن خزرون وبدر بن يعلى كما نذكر بعد.

ثم رحل بلكّين إلى رقاده وفتك بعبد الله بن الكاتب عامله وعامل أبيه على القيروان لهنات كانت منه، وسعايات أنجحت فيه فهلك سنة تسع وسبعين وثلاثمائة وولي مكانه يوسف بن أبي محمد، وكثر التواتر بكتابه فقتلهم وأثخن فيهم حتى أذعنوا، وأخرج إليهم العمّال وعقد لأخيه حمّاد على أشير. وطالت الفتنة مع زناتة ونزل إليه منهم سعيد بن خزرون. ولم يزل سعيد يطيعه إلى أن هلك سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة وولي ابنه فلفول بن سعيد. وخالف أبو البهار بن زيري سنة تسع وسبعين وثلاثمائة فزحف إليه المنصور وفرّ بين يديه إلى المغرب. وأمدّ [١] المنصور أهل تاهرت ومضى في أتباع أبي البهار حتى نفد عسكره [٢] وأشير عليه بالرجوع فرجع. وبعث أبو البهار إلى أبي عامر صاحب الأندلس في المظاهرة والمدد، واسترهن ابنه في ذلك، فكتب زيري بن عطية صاحب دعوة الأموية من زناتة بفاس أن يكون معه يدا واحدة فظاهره زيري واتفق رأيهما مدّة، وحار بهما بدر بن يعلى فهزماه وملكا فاس وما حولها. ثم اختلفت ذات بينهما سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة ورجع أبو البهار إلى قومه. ووفد على المنصور سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة بالقيروان فأكرمه ووصله وأنزله أحسن نزل وعقد له على تاهرت، ثم هلك المنصور سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.

[(دولة باديس بن المنصور)]

ولما هلك المنصور قام بأمره ابنه باديس وعقد لعمّه يطوفت على تاهرت، وسرّح عساكره لحرب زناتة مع عمّيه يطوفت وحمّاد، فولّوا منهزمين أمام زناتة إلى أشير.

ونهض بنفسه سنة تسع وثمانين وثلاثمائة لحرب زيري بن عطية راجعا إلى المغرب، فولّى


[١] وفي النسخة التونسية: وأمن.
[٢] وفي النسخة التونسية: حتى فقد عسكره المرافق.

<<  <  ج: ص:  >  >>