للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم إلى أن هرم وعجز بعهد يوسف بن عبد المؤمن، وطلب الحج فسرّحه السيد أبو زيري [١] بن أبي حفص محمد [٢] بن عبد المؤمن عامل تونس فارتحل في البحر سنة ست وثمانين وخمسمائة واستقرّ بالإسكندرية.

وأمّا صفاقس فكانت ولاتها أيام بني باديس من صنهاجة قبيلهم إلى أن ولّى المعز بن باديس عليها منصور البرغواطي من صنائعه، وكان فارسا مقداما، فحدّث نفسه بالثورة أيام تغلب العرب على إفريقية، وخروج المعز إلى المهديّة ففتك به ابن عمّه حمّو بن مليل البرغواطي وقتله في الحمام غدرا. وامتعض له حلفاؤه من العرب وحاصروا حمّو حتى بذل لهم من المال ما رضوا به. واستبدّ حمّو بن مليل بأمر صفاقس حتى إذا هلك المعزّ حدّثته نفسه بالتغلّب على المهديّة، فزحف إليها في جموعه من العرب، ولقيه تميم فانهزم حمّو وأصحابه سنة خمس وخمسين وخمسمائة ثم بعث ابنه يحيى مع العرب لحصار صفاقس، فحاصرها مدّة وأقلع عنها. وزحف إليه تميم بن المعزّ سنة ثلاث وتسعين فغلبه عليها. ولحق حمّو بمكن بن كامل أمير قابس فأجاره، وصارت صفاقس إلى ملكة تميم ووليها ابنه.

ولما تغلّب النصارى على المهديّة وملكها جرجي بن ميخاييل قائد رجار سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة فغلبوا بعدها على صفاقس وأبقوا أهلها، واستعملوا عمر بن أبي الحسن القرباني لمكانه فيهم. وحملوا أباه أبا الحسن معهم إلى صقلّيّة رهنا. وكان ذلك مذهب إلى رجار ودينه فيما ملك من سواحل إفريقية، يبقيهم ويستعمل عليهم منهم، ويذهب إلى العدل فيهم فبقي عمر بن أبي الحسن عاملا لهم في أهل بلده وأبوه عندهم. ثم أنّ النصارى الساكنين بصفاقس امتدّت أيديهم إلى المسلمين ولحقوا بالضرر. وبلغ الخبر أبا الحسن وهو بمكانه من صقلّيّة، فكتب إلى ابنه عمر، وأمره بانتهاز الفرصة فيهم والاستسلام إلى الله في حق المسلمين، فثار بهم عمر لوقته سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وقتلهم وقتل النصارى أباه أبا الحسن وانتقضت عليهم بسبب ذلك سائر السواحل. ولما افتتح عبد المؤمن المهديّة من يد رجار، وصل إليه عمر، وأدّى طاعته، فولّاه صفاقس، ولم يزل واليا عليها وابنه عبد الرحمن من بعده إلى أن تغلّب يحيى بن غانية فرغّبه في الحج، فسرّحه ولم بعد.


[١] وفي نسخة أخرى: أبو يزيد.
[٢] وفي النسخة التونسية: عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>