للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشجعانهم، وكان مقدّما عند يوسف بن تاشفين لمكانه في قومه. واتفق انه قتل بعض رجالات لمتونة في ملاحاة وقعت بينهما، فتثاور الحيّان وفرّ هو إلى الصحراء، ففدّى يوسف بن تاشفين القتل وودّاه، واسترجع عليّا من مفرّه لسنين من مغيبه، وأنكحه امرأة من أهل بيته تسمّى غانية بعهد أبيها إليه في ذلك، فولدت منه محمدا ويحيى ونشأ في ظلّ يوسف بن تاشفين وحجر كفالته.

ورعى لهما عليّ بن يوسف ذمام هذه الأمور وعقد ليحيى على غرب الأندلس وأنزله قرطبة. وعقد لمحمد على الجزائر الشرقيّة وميورقة ومنورقة ويابسة سنة عشرين وخمسمائة، وانقرض بعد ذلك أمر المرابطين. وتقدّم وفد الأندلس إلى عبد المؤمن وبعث معهم أبا إسحاق براق بن محمد المصمودي من رجالات الموحّدين وعقد له على حرب لمتونة كما يذكر في أخبارهم، فملك إشبيليّة واقتضى طاعة يحيى بن عليّ بن غانية، واستنزله عن قرطبة إلى حمال [١] والقليعة، فسار منها إلى غرناطة يستنزل من بها من لمتونة، ويحملهم على طاعة الموحّدين فهلك هنالك سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ودفن بقصر باديس. وأمّا محمد بن عليّ فلم يزل واليا إلى أن هلك، وقام بأمره بعده ابنه عبد الله.

ثم هلك وقام بالأمر أخواه إسحاق بن محمد بن عليّ، وقيل إن إسحاق ولي بعد ابنه محمد، وأنه قتله غيرة من أخيه عبد الله لمكان أبيه منه، فقتلهما معا، واستبدّ بأمره إلى أن هلك سنة ثمانين وخمسمائة. وخلّف ثمانية من الولد وهم: محمد وعليّ ويحيى وعبد الله والغازي وسير والمنصور وجبارة، فقام بالأمر ابنه محمد. ولمّا أجاز يوسف بن عبد المؤمن بن علي إلى ابن الزبرتير لاختبار طاعتهم، ولحين وصوله نكر ذلك إخوته وتقبّضوا عليه واعتقلوه. وقام بالأمر أخوه عليّ بن محمد بن عليّ، وتلوموا في ردّ ابن الزبرتير إلى مرسلة، وحالوا بينه وبين الأسطول حين بلغهم أن الخليفة يوسف القسري [٢] استشهد في الجهاد باركش من العدوة، وقام بالأمر ابنه يعقوب واعتقلوا


[١] هي جيان كما في نسخة أخرى. وكانت تسمى عند الرومان أورنجس وقد كانت مركز علم وأدب أيام العرب وعاصمة لامارة الى أن استرجعها الاسبان سنة ١٢٤٦ م بينها وبين غرناطة ٩٧ كلم، وكانت قاعدة كورة البشارات التي كانت تشتمل على ما يقرب من ستمائة قرية كما عند الاويسي. (مجلة البيّنة/ ٢٦) .
[٢] وفي النسخة الباريسية: العشري وفي النسخة التونسية: العسري.

<<  <  ج: ص:  >  >>