للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرطبة بأبي زيد بن بكيت، وبعث عبد الله بن سليمان فجاء بابن يغمور معتقلا إلى الحضرة، وألزمه منزله إلى أن بعثه مع ابنه السيد أبي حفص إلى تلمسان واستقام أمر الأندلس. وخرج ميمون بن بدر اللمتوني عن غرناطة للموحّدين فملكوها، وأجاز إليها السيد أبا سعيد صاحب سبتة بعهد أبيه عبد المؤمن إليه بذلك، ولحق الملثّمون بمراكش، ونازل السيد أبو سعيد مدينة المريّة [١] حتى نزل من كان بها من النصارى على الأمان. وحضر لذلك الوزير أبو حفص بن عطيّة بعد أن أمدهم ابن مودهشي [٢] الثائر بشرق الأندلس والطاغية معه، وعجزوا جميعا عن المدافعة. ثم وفد أشياخ إشبيليّة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ورغبوا من عبد المؤمن ولاية بعض أبنائه عليهم، فعقد لابنه السيد أبي يعقوب عليها، وافتتح أمره بمنازلة عليّ الوسيني الثائر بطلبيرة [٣] ومعه الوزير أبو حفص بن عطيّة حتى استقام على الطاعة. ثم استولى على عمل ابن وزير وابن قيسي، واستنزل تاشفين اللمتوني من مرتلة سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة وكان الّذي أمكن الملثّمين منها ابن قيسي واستتم الفتح. ورجع السيد إلى إشبيليّة وانصرف أبو حفص بن عطيّة إلى مراكش فكانت فيها نكبته ومقتله. واستوزر عبد المؤمن من بعده عبد السلام الكومي، كان يمت إليه بذمّة صهر فلم يزل على وزارته والله أعلم.

[(بقية فتح إفريقية)]

لما بلغ عبد المؤمن سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ما كان من إيقاع الطاغية بابنه السيد أبي يعقوب بظاهر إشبيليّة، ومن استشهد من أشياخ الموحّدين وحفاظهم، ومن الثّوار مثل ابن عزرون [٤] وابن الحجّام، نهض يريد الجهاد، واحتل سلا، فبلغه


[١] المرية: مدينة على البحر الأبيض المتوسط كانت موجودة قبل الفتح الإسلامي، لكن العرب وسّعوها وجعلوها مرسى تجاريا وسمّوها المرية بمعنى المرآة الصغيرة. كانت أيام ملوك الطوائف عاصمة بني تجيب وقد ازدهرت في أيامهم وكانت مركزا ثقافيا مهما، استرجعها الاسبان سنة ١٤٨٩ م وهي في شرقي مالقة تبعد عنها ٢٢٢ كلم، وكانت تعتبر أيام العرب من أعمال كورة بجانة (البيّنة/ ٣٢) .
[٢] وفي نسخة أخرى: ابن مردنيش وهو الأصح.
[٣] هكذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: بمنازلة علي الوهبي الثائر بطبيرة.
[٤] وفي نسخة أخرى: ابن عزّون.

<<  <  ج: ص:  >  >>