للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتقاض إفريقية، وأهمه شأن النصارى بالمهديّة، فلما توافت العساكر بسلا استخلف الشيخ أبا حفص على المغرب، وعقد ليوسف بن سليمان على مدينة فاس، ونهض يغذّ السير حتى نزل المهديّة وبها من نصارى أهل صقلّيّة [١] ، فافتتحها صلحا سنة خمس وخمسين وخمسمائة واستنقذ جميع البلاد الساحلية مثل صفاقس وطرابلس من أيدي العدوّ.

وبعث ابنه عبد الله من مكان حصاره للمهديّة إلى قابس فاستخلصها من يد بني كامل المتغلبين عليها من دهمان، بعض بطون رياح. واستخلص قفصة من يد بني الورد، وورغة من يد بني بروكسن وطبرقة من يد ابن علال وجبل زغوان من يد بني حماد بن خلفة [٢] وشقبناريّة من يد بني عبّاد [٣] ، بن نصر الله، ومدينة الأربص من يد من ملكها من العرب حسبما ذلك مذكور في أخبار هؤلاء الثوار في دولة صنهاجة.

ولما استكمل الفتح وثنى عنانه إلى المغرب سنة ست وخمسين وخمسمائة بلغه أنّ الأعراب بإفريقية انتقضوا عليه، فرجّع إليهم عسكرا من الموحّدين، فنهضوا إلى القيروان وأوقعوا بالعرب، وقتل كبيرهم محرز بن زياد الفارغي من بني عليّ إحدى بطون رياح والله تعالى أعلم.

[(أخبار ابن مردنيش الثائر بشرق الأندلس)]

كان بلغ عبد المؤمن وهو بإفريقية أنّ محمد بن مردنيش الثائر بشرق الأندلس خرج من مرسية ونازل جيان. وأطاعه واليها محمد بن عليّ الكومي، ثم نازل بعدها قرطبة ورحل عنها وغدر بقرمونة وملكها، ثم رجع إلى قرطبة وخرج ابن بكيت لحربه فهزمه وقتله، فكتب إلى عماله بالأندلس بفتح إفريقية، وأنه واصل إليهم. وعبر إلى جبل الفتح، واجتمع إليه أهل الأندلس ومن بها من الموحّدين، ثم رجع إلى مراكش وبعث عساكره إلى الجهاد، ولقيهم الطاغية فهزموه. وتغلّب السيد أبو يعقوب على


[١] كان يحتل المهدية النورمانديون وقد استخلصها منهم عبد المؤمن سنة ١١٦٠ م- ٥٥٥ هـ (قبائل المغرب ص ١٢٧) .
[٢] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: بن خليفة.
[٣] وفي نسخة أخرى بني عيّاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>