للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب المريّة فحص [١] بذلك جناحه.

واتصل الحبر بالخليفة بمراكش، وقد توافت عنده جموع العرب من إفريقية صحبة أبي زكريا صاحب بجاية والسيد أبي عمران صاحب تلمسان، وكان يوم قدومهم عليه يوما مشهودا، فاعترضهم وسائر عساكره، ونهض إلى الأندلس. واستخلف على مراكش السيد أبا عمران أخاه فاحتلّ بقرطبة سنة سبع وستين وخمسمائة ثم ارتحل بعدها إلى إشبيليّة، ولقيه السيد أبو حفص هنالك منصرفا من غزاته. وكان ابن مردنيش لما طال عليه الحصار ارتاب ففتك بهم، وباد أخوه أبو الحجّاج وهلك هو في رجب من هذه السنة. ودخل ابنه هلال في الطاعة، وبادر السيد أبو حفص إلى مرسية فدخلها وخرج هلال في جملته، وبعثه إلى الخليفة بأشبيليّة. ثم ارتحل الخليفة غازيا إلى بلاد العدو فنازل رندة أياما وارتحل عنها إلى مرسية. ثم رجع إلى إشبيليّة سنان ثمان وستين وخمسمائة واستصحب هلال بن مردنيش واصهر له في ابنته، وولّى عمّه يوسف على بلنسية وعقد لأخيه السيد أبي سعيد على غرناطة.

ثم بلغه خروج العدو إلى أرض المسلمين مع القومس الأحدب، فخرج للقائهم وأوقع بهم بناحية قلعة رياح، وأثخن فيهم ورجع إلى إشبيليّة وأمر ببناء حصن القلعة ليحصّن جهاتها، وقد كان خرابا منذ فتنة أبي حجّاج فيه مع كريب بن خلدون بمدّة [٢] ازمان المنذر بن محمد وأخيه عبد الله من أمراء بني أمية.

ثم انتقض ابن أذفونيش وأغار على بلاد المسلمين، فاحتشد الخليفة وسرّح السيد أبا حفص إليه فغزاه بعقر داره، وافتتح قنطرة بالسيف، وهزم جموعه في كلّ جهة.

ثم ارتحل الخليفة من إشبيليّة راجعا إلى مراكش سنة إحدى وسبعين وخمسمائة لخمس سنين من إجازته إلى الأندلس، وعقد على قرطبة لأخيه الحسن، وعلى إشبيليّة لأخيه عليّ، وأصاب مراكش الطاعون فهلك من السادات أبو عمران وأبو سعيد وأبو زكريا، وقدم الشيخ أبو حفص من قرطبة فهلك في طريقه، ودفن بسلّا.

واستدعى الخليفة أخويه السيدين أبا علي وأبا الحسن، فعقد لأبي علي على سجلماسة ورجع أبو الحسن إلى قرطبة، وعقد لابني أخيه السيد أبي حفص:


[١] بمعنى نقص قدره.
[٢] وفي نسخة أخرى: بمورة،

<<  <  ج: ص:  >  >>