للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحشود العرب. وأجاز البحر من سبتة في صفر من سنة ثمانين وخمسمائة فاحتلّ جبل الفتح، وسار إلى إشبيليّة فوافته بها حشود الأندلس. وسخط محمد بن وانودين وغربة إلى حصن غافق، ورحل غازيا إلى شنترين فحاصرها أياما. ثم أقلع عنها واستمرّ الناس يوم إقلاعه، وخرج النصارى من الحصن فوجدوا الخليفة في غير أهبة ولا استعداد، فأبلى في الجهاد هو ومن حضره، وانصرفوا بعد جولة شديدة. وهلك في ذلك اليوم الخليفة، يقال من منهم أصابه في حومة القتال، وقيل من مرض طرقه عفا الله عنه.

[(دولة ابنه يعقوب المنصور)]

ولما هلك الخليفة أبو يعقوب على حصن شنترين سنة ثمانين وخمسمائة بويع ابنه يعقوب، ورجع بالناس إلى إشبيليّة فاستكمل البيعة. واستوزر الشيخ أبا محمد عبد الواحد بن أبي حفص، واستنفر الناس للغزو مع أخيه السيد أبي يحيى فأخذ بعض الحصون وأثخن في بلاد الكفّار. ثم أجاز البحر إلى الحضرة ولقيه بقصر مصمودة السيد أبو زكريا ابن السيد أبي حفص قادما من تلمسان مع مشيخة زغبة، ومضى إلى مراكش فغير المناكير [١] وبسط العدل ونشر الأحكام، وكان من أوّل الأحداث في دولة شأن ابن غانية [٢] .

[(الخبر عن شأن ابن غانية)]

كان علي بن يوسف بن تاشفين لما تغلّب الغدوّ على جزيرة ميورقة وهلك واليها من موالي مجاهد، وهو مبشّر، وبقي أهلها فوضى، وكان مبشّر بعث إليه بالصريخ، والعدوّ محاصر له، فلما أخذها العدوّ وغنم وأحرق وأقلع، وبعث علي بن يوسف واليا عليها وأنور بن أبي بكر من رجالات لمتونة، وبعث معه خمسمائة فارس من


[١] المناكير بمعنى المنكرات وفي نسخة أخرى: فقطع المناكر.
[٢] كذا وفي نسخة أخرى: وباشر الأحكام، وكان أول الأحداث في دولته شأن ابن غانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>