للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهزيمة المشهورة على النصارى واستلحم منهم ثلاثون ألفا بالسيف.

واعتصم فلّهم بحصن الأرك، وكانوا خمسة آلاف من زعمائهم، فاستنزلهم المنصور على حكمه وفودي بهم عددهم من المسلمين. واستشهد في هذا اليوم أبو يحيى ابن الشيخ أبي حفص بعد أن أبلى بلاء حسنا، وعرف بنوه بعدها ببني الشهيد. وانكفأ المنصور راجعا إلى إشبيليّة. ثم خرج منها سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة غازيا إلى بلاد الجوف فافتتح حصونا ومدنا وخرّبها. كان منها ترجالة وطلبيرة. وأطلّ على نواحي طليطلة، فخرّب بسائطها واكتسح مسارحها، وقفل إلى إشبيليّة سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة فرفع إليه في القاضي أبي الوليد بن رشد مقالات نسب فيها إلى المرض في دينه وعقله. وربما ألّف بعضها بخطه فحبس. ثم أطلق وأشخص إلى الحضرة وبها كانت وفاته.

ثم خرج المنصور من إشبيليّة غازيا إلى بلاد ابن أذفونش حتى احتل بساحة طليطلة، وبلغه أن صاحب برشلونة أمدّ ابن أدفونش بعساكره، وأنهم جميعا بحصن مجريط، فنهض إليهم. ولمّا أطلّ عليهم انفضّت جموع ابن أذفونش من قبل القتال، ثم انكفأ المنصور راجعا إلى إشبيليّة. ثم رغب إليه ملوك النصرانيّة في السلم فبذله لهم.

وعقد على إشبيليّة للسيد أبي زيد ابن الخليفة، وعلى مدينة بطليوس للسيد أبي الربيع ابن السيد أبي حفص، وعلى المغرب للسيد أبي عبد الله ابن السيد أبي حفص. وأجاز إلى حضرته سنة أربع وتسعين وخمسمائة فطرقه المرض الّذي كان منه حتفه، وأوصى وصيّته التي تناقلها الناس. وحضر لوصيّته عيسى ابن الشيخ أبي حفص، وهلك رحمه الله سنة خمس وتسعين وخمسمائة في آخر ربيعها، والله تعالى أعلم.

[(الخبر عن وصول ابن منقذ بالهدية من قبل صاحب الديار المصرية)]

كان الفرنج قد ملكوا سواحل الشام في آخر الدولة العبيديّة منذ تسعين سنة وملكوا بيت المقدس، فلمّا استولى صلاح الدين بن أيوب على ديار مصر والشام اعتزم على جهادهم، وصار يفتح حصونها واحدا بعد واحد حتى أتى على جميعها. وافتتح

<<  <  ج: ص:  >  >>