للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مراكش لما استدعاه أهل المغرب، وبعثوا إليه ببيعاتهم، وبعث إليه هلال بن حميد ان أمير الخلط يستدعيه. واستمدّ الطاغية عسكرا من النصارى وأمره على شروط تقبّلها منه المأمون، وأجاز إلى العدوة. وبادر أهل إشبيليّة بالبيعة لابن هود، واعترضه يحيى بن الناصر فهزمه المأمون واستلحم من كان معه من الموحّدين والعرب، ولحق يحيى بجبل هنتاتة. ثم دخل المأمون الحضرة وأحضر مشيخة الموحّدين وعدّد عليهم فعلاتهم وتقبّض على مائة من أعيانهم فقتلهم، وأصدر كتابه إلى البلدان بمحو اسم المهدي من السكّة والخطبة، والنعي عليه في النداء للصلاة باللغة البربرية، وزيادة النداء لطلوع الفجر وهو: «أصبح وللَّه الحمد» وغير ذلك من السنن التي اختصّ بها المهدي وعبد المؤمن، وجرى على سننها أبناؤه. فأوعز بالنهي عن ذلك كله. وشنّع عليهم في وصفهم الامام المهدي بالمعصوم، وأعاد في ذلك وأبدى.

وأذن للنصارى القادمين معه في بناء الكنيسة بمراكش على شرطهم، فضربوا بها نواقيسهم. واستولى ابن هود بعده على الأندلس، وأخرج منها سائر الموحّدين، وقتلهم العامّة في كل محل [١] . وقتل السيد أبو الربيع ابن أخي المنصور وكان المأمون تركه واليا بقرطبة. واستبد الأمير أبو زكريا بن أبي محمد ابن الشيخ أبي حفص بإفريقية، وخلع طاعته سنة سبع وعشرين وستمائة للسيد أبي عمران ابن عمه محمد الخرصان [٢] على بجاية مع أبي عبد الله اللحياني أخي الأمير أبي زكريا. وزحف إليه يحيى بن الناصر فانهزم، ثم ثانية كذلك، واستلحم من كان معه ونصبت رءوسهم بأسوار الحضرة. ولحق يحيى بن الناصر ببلاد درعة وسجلماسة.

ثم انتقض على المأمون أخوه أبو موسى ودعا لنفسه بسبتة وتسمّى بالمؤيد، فخرج المأمون من مراكش وبلغه في طريقه أنّ قبائل بني فازان ومكلاتة حاصروا مكناسة وعاثوا في نواحيها، فسار إليها وحسم عاملها [٣] واستمرّ إلى سبتة فحاصرها ثلاثة أشهر، واستمدّ أخوه أبو موسى صاحب الأندلس لابن هود فأمدّه بأساطيله.

وخالف يحيى بن الناصر المأمون إلى الحضرة فاقتحمها مع عرب سفيان وشيخهم


[١] وفي نسخة ثانية: في كل مطر.
[٢] وفي نسخة ثانية: الحرضاني وفي النسخة الباريسية الخرصاني.
[٣] وفي النسخة الباريسية عللها وهي أصح حسب مقتضى السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>