للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوراة. ويجالس أحبار اليهود حتى لقد اتهم في عقيدته ورمي بالرغبة عن دينه، ثم ولي من بعده ابنه عبد الله، وكان مقتفيا سنن أبيه في ذلك وخصوصا في انتحال السحر والاستشراف إلى صنعة الكيمياء. ولما فرغ السلطان أبو الحسن من شأن أخيه عمر، وسكن فتنة المغرب ودوّخ أقطاره وحلّ معتصمه بالعساكر وأوطأ ساحاته لكتائب رجاله دون من يمدّه من أعراب السوس من ورائه، بما كان من تغلّبه على بلادهم واقتضائه بطاعتهم وإنزال عماله بالعساكر بينهم، فلاذ منه عبد الله السكسيوي بطاعة معروفة رهن فيها ابنه، واشترط للسلطان الهديّة والضيافة، فتقبّل منه ومنحه جانب الرضى.

ولما كانت نكبة السلطان بالقيروان، واضطرب المغرب فتنة وخلا جوّ البلاد المراكشية من المشايخ اجتمع رأي الملأ من المصامدة على النزول إلى مراكش، وأحكموا عقد الاتفاق بينهم وأجمعوا تخريبها بما كانت دارا للأمرة ولمقام الكتائب المجمّرة، وزعم عبد الله السكسيوي هذا بإنفاذ ذلك فيها، وضمن هو تخريب المساجد لتجافيهم عنها فكانت مذكورة على الأيام. ثم انحلّ عزمهم وافترقت جماعتهم وكلمتهم بما كانت من استقامة الدولة بفاس واجتماع بني مرين على السلطان أبي عنّان كما يذكر بعد فانحجر كل منهم بوجاره.

ولما فرغ أبو عنّان من شأن أبيه واستولى على المغرب الأوسط وغلب عليه بنو عبد الواد، ولحق أخوه أبو الفضل بن مطرح اغترابه في الأندلس بالطاعة يروم الإجازة إلى المغرب لطلب حقّه، فأركبه السفير إلى مراحل السوس فنزل به، ولحق بعبد الله السكسيوي فآواه وظاهره على أمره. فجرّد أبو عنّان العزائم إليهم وعقد لوزيره فارس ابن ميمون بن وادرار على حربهم. واستخرج جيوش المغرب وأناخ بساحته سنة أربع وخمسين وستمائة واختطّ بسفح الجبل مدينة لحصاره سمّاها القاهرة. وأخذت بمخنقه وزاحمت بمناكبها أركان معقلة حتى لاذت للسلم، واشترط أن ينبذ العهد إلى أبي الفضل المصري عنده يذهب حيث يشاء فتقبل منه. وعقد له سلما على عادته وأفرج عنه. وخرج على عبد الله السكسيوي لأيام السلطان أبي سالم ابنه محمد المعروف في لغتهم ايزم ومعناه الأسد، فغلبه على أمره ولحق عبد الله بعامر بن محمد الهنتاتي كبير المصامدة لعهده، وعامل السلطان عليهم، فاستجاش به ووعده عامر النصرة وأمهله عاما ونصفه حتى وفد على السلطان، واستوهب في ذلك. ثم أجمع

<<  <  ج: ص:  >  >>