للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي بكر ويحيى، واستصفى أموالهم واحتاز عقارهم وضياعهم. وكان المستنصر عهد إليه بذلك، لما كان أسفه بفلتات من القول والكتاب تنمى إليه أيام رياسته في خدمة أبي محمد، فاعتقلهم السيّد أبو العلا، ثم قتله وأخاه يحيى لشهر من اعتقالهما بعد أن فرّ من سجنه وتقبّض فقتل. ونقل أبو بكر إلى مطبق المهديّة فأردع به [١] .

وخرج السيّد أبو العلا من تونس سنة تسع عشرة وستمائة في عساكر الموحدين إلى نواحي قابس لقطع أسباب ابن غانية منها، فنزل قصر العروسيين، وسرّح ولده السيد أبا زيد في عسكر من الموحدين إلى درج وغدامس من بلاد الصحراء لتمهيدها وجبايتها. وقدّم بين يده عسكرا آخرا لمنازلة ابن غانية بودّان، وواعدهم هناك منصرفة من غدامس فأرجف بهم العرب في طريقهم بمداخلة ابن غانية. ومال بذله في ذلك فانفضّ العسكر، وزحفوا إلى قابس. وأهمل السيد ابو زيد في غدامس إليهم فلقيه خبر مفرّهم. فلحق بأبيه وأخبره بالجليّ في أمرهم، فسخط قائد العسكر وهمّ بقتله. وطرق السيّد أبا العلا المرض فرجع إلى تونس. وبلغه أن ابن غانية نهض من ودّان إلى الزاب، وأن أهل بسكرة أطاعوه، فسرح السيد أبا زيد في عساكر الموحّدين إليه، ودخل ابن غانية الرمل فأعجزهم.

ورجع السيد أبو زيد إلى بسكرة فأنزل بهم عقابه من النهب والتخريب، ورجع إلى تونس. ثم بلغه أنّ ابن غانية قد رجع إلى جوانب إفريقية، واجتمع إليه أخلاط من العرب والبربر، فسرّح السيد أبا زيد إليه في العساكر ونزل بالقيروان، وخالفه ابن غانية إلى تونس فقصده السيد أبو زيد ومعه العرب وهوّارة بظعائنهم ومواشيهم.

وتزاحفوا بمجدول فاتح إحدى وعشرين وستمائة، واشتدّ القتال وعضّت الموحدون الحرب، وأبلى هوّارة وشيخهم بعرة بن حنّاش بلاء جميلا. وضرب ابنتيه وتناغوا في الثبات والصبر فانهزم الملثّمون وانجلت المعركة عن حصيد من القتلى من أصحاب ابن غانية، واستولى الموحّدون على معسكرهم.

وكان بلغ السيد أبا زيد خبر مهلك أبيه السيّد أبي العلا بتونس في شعبان سنة عشرين وستمائة. فلما فرغ من مواقعة ابن غانية رجع إلى تونس واقصر عن متابعته. وخاطب المستنصر بمهلك أبيه وواقعة الملثمين، وكان المستنصر قد عزله واستبدل منه بأبي


[١] كذا بالأصل، والأصح: فردع به بمعنى: صرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>