للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه السنة.

وبعد استقراره بتونس بلغه أنّ ابن غانية دخل بجاية عنوة، ثم تخطّى كذلك إلى تدلس، وأنه عاث في تلك الجهات فرحل من تونس وعقد لأخويه كما ذكرناه.

وأغذّ السير إلى فحص أبة فصبح به هوّارة، وقد كان بلغه عنهم السعي في الفساد، فأطلق فيهم أيدي عسكره، واعتقل مشايخهم وأنفذهم إلى المهديّة. ثم مرّ في اتباع ابن غانية، فانتهى إلى بجاية، وسكّن أحوالها، ثم إلى متيجة ومليانة فأدركه الخبر أنّ ابن غانية قصد سجلماسة فانكفأ راجعا إلى تونس، ودخلها في رمضان سنة أربع وعشرين وستمائة، ولم يزل مستبدا بإمارته إلى أن ثار عليه الأمير أبو زكريا، وغلبه على الأمر كما نذكر.

[(الخبر عن ولاية الأمير أبي زكريا ممهد الدولة لآل أبي حفص بإفريقية ورافع الراية لهم بالملك واولية ذلك وبدايته)]

لما قتل العادل بمراكش سنة أربع وعشرين وستمائة، وبويع المأمون بالأندلس بعث إلى أبي محمد عبد الله بتونس ليأخذ له البيعة على من بها من الموحّدين. وكان المأمون قد فتح أمره بالخلاف، ودعا لنفسه قبل موت أخيه العادل بأيام، فامتنع أبو محمد وردّ رسله إليه، فكتب بذلك لأخيه الأمير أبي زكريّا وهو بمكانه من ولاية قابس.

وعقد له على إفريقية فأخذ له البيعة على من إليه، وداخله في شأنها ابن مكّي كبير المشيخة بقابس. واتصل ذلك بأبي محمد فخرج من تونس إليهم. ولما انتهى إلى القيروان نكر عليه الموحّدون نهوضه إلى حرب أخيه، وانتقضوا عليه وعزلوه. وطيّر بالخبر إلى أخيه في وفد منهم فألفوه معملا في اللحاق برحاب بن محمد [١] وأعراب طرابلس، فبايعوه ووصلوا به إلى معسكرهم. وخلع أبو محمد نفسه، ثم ارتحل الأمير أبو زكريا إلى تونس فدخلها في رجب من سنة خمس وعشرين [وستمائة] ، وأنزل أخاه


[١] وفي مكان آخر: رحاب بن محمود وهو أمير دباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>