للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ست وعشرين وستمائة، فنزل بساحتها وحاصرها أياما. ثم داخله ابن علناس في شأنها وأمكنه من غرّتها فدخلها، وتقبّض على واليها السيد [١] ابن السيد أبي عبد الله الخرصاني بن يوسف العشري. وولّى عليها ابن النعمان. ورحل إلى بجاية فافتتحها، وتقبّض على واليها السيد أبي عمران ابن السيد أبي عبد الله الخرصاني وصيّرهما معتقلين في البحر إلى المهديّة. وأجريت عليهما هنالك الأرزاق، وبعث بأهلهما وولدهما مع ابن أوماز [٢] إلى الأندلس، فنزلوا بأشبيليّة. وبعث معهما إلى المهديّة في الاعتقال محمد بن جامع وابنه وابن أخيه جابر بن عون بن جامع من شيوخ مرداس عوف، وابن أبي الشيخ بن عساكر من شيوخ الدواودة، فاعتقلوا بمطبق المهديّة وكان أخوه أبو عبد الله اللحياني صاحب أشغال بجاية فصار في جملته، وولّاه بعدها الولايات الجليلة، وكان يستخلفه بتونس في مغيبه. وفي هذه السنة تقبّض على وزيره ميمون بن موسى واستصفى أمواله، وأشخصه إلى قابس فاعتقل بها مدة. ثم غرّبه إلى الإسكندريّة، واستوزر مكانه أبا يحيى بن أبي العلا بن جامع، إلى أن هلك، فاستوزر بعده أبا زيد ابن أخيه الآخر محمد إلى أن هلك.

(الخبر عن مهلك ابن غانية وحركة السلطان الى بجاية وولاية ابنه الأمير أبي يحيى زكريا عليها)

لما استقل الأمير أبو زكريا بإفريقية وخلع طاعة بني عبد المؤمن صرف عزمه أولا إلى مدافعة يحيى بن غانية عن نواحي أعماله، فكانت له في ذلك مقامات مذكورة، وشرّده عن جهات طرابلس والزاب وواركلا. واختطّ بواركلا المسجد لما نزلها في أتباعه، وأنزل بالأطراف عساكره وعمّاله لمنعها دونه. ولم يزل ابن غانية وأتباعه من العرب من أفاريق سليم وهلال وغيرهم على حالهم من التشريد والجلاء، إلى أن هلك سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وانقطع عقبه فانقطع ذكره، ومحا الله آثار فتنته من الأرض. واستقام أمر الدولة ونبضت منها عروق الاستيلاء واتساع نطاق الملك.


[١] كذا بياض بالأصل، ولم نعثر في المراجع التي بين أيدينا على اسم هذا السيد.
[٢] كذا، وفي ب: أومازير.

<<  <  ج: ص:  >  >>