للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأندلس الأمير أبا زكريا للكرّة، وبعثوا إليه بيعتهم، وأوفد عليه ابن مردنيش كاتبه الفقيه أبا عبد الله بن الأبار صريخا، فوفد وأدّى بيعتهم في يوم مشهود بالحضرة، وأنشد في ذلك المحفل قصيدته على روي السين، يستصرخه فيها للمسلمين وهي هذه:

أدرك بخيلك خيل الله أندلسا ... إن السبيل إلى منجاتها درسا

وهب لها من عزيز النصر ما التمست ... فلم يزل منك عزّ النصر ملتمسا

عاش مما تعانيه حشاشتها ... فطالما ذاقت البلوى صباح مسا

يا للجزيرة أضحى أهلها جزرا ... للنّائبات وأمسى جدّها تعسا

في كلّ شارقة إلمام بائقة ... يعود مأتمها عند العدا عرسا

وكلّ غاربة إجحاف نائبة ... تثني الأمان حذارا والسرور أسا

تقاسم الروم لا نالت مقاسمهم ... إلّا عقائلها المحجوبة الأنسا

وفي بلنسية منها وقرطبة ... ما يذهب النفس أو ما ينزف النفسا

مدائن حلّها الإشراك مبتسما ... جذلان وارتحل الإيمان منبئسا

وصيّرتها العوادي عائثات بها ... يستوحش الطرف منها ضعف ما أنسا

ما للمساجد عادت للعدى بيعا ... وللنّداء يرى أثناءها جرسا

لهفا عليها إلى استرجاع فائتها ... مدارسا للمثاني أصبحت درسا

وأربعا غنمت أيدي الربيع بها ... ما شئت من خلع موشيّة وكسا

كانت حدائق للأحداق مونقة ... فصوّح النصر من أدواحها وعسا

وحال ما حولها من منظر عجب ... يستوقف الركب أو يستركب الجلسا

سرعان ما عاث جيش الكفر واحربا ... عيث الدبا في مغانيها التي كبسا [١]

وابتزّ بزّتها مما تحيّفها ... تحيّف الأسد الضاري لما افترسا [٢]


[١] وفي نسخة أخرى:
سرعان ما عاد جيش الكفر محتربا ... بعث الربا في مغانيها الّذي كبسا
[٢] وفي نسخة أخرى: وابتز بزتها تخيف خائف الأسد الضاريات بها لكل ما افترسا

<<  <  ج: ص:  >  >>