للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزالوا عليها حينا من الدهر، إلى أن انقطعت في حصار تلمسان كما نذكره. ولمّا بلغ الخبر بمهلكه إلى سبتة، وكان بها أبو يحيى بن الشهيد من قبل الأمير أبي زكريا كما نذكره، وأبو عمرو بن أبي خالد، والقائد شفاف، فثارت العامة وقتل ابن أبي خالد وشفاف، وطردوا ابن الشهيد فلحق بتونس. وتولّى كبر هذه الثورة حجبون الرنداحي بمداخلة أبي القاسم العزفي.

واتفق الملأ على ولاية العزفي، وحوّلوا الدعوة للمرتضى، وذلك سنة سبع وأربعين وستمائة. وتبعهم أهل طنجة في الدعوة، واستبدّ بها ابن الأمير، وهو يوسف بن محمد بن عبد الله أحمد الهمدانيّ، كان واليا عليها من قبل أبي علي بن خلاص. فلما صار الأمر للعزفي والقائد حجبون الرنداحي، خالفهم هو إلى الدعوة الحفصيّة، واستبدّ عليهم. ثم خطب للعبّاسي وأشرك نفسه معه في الدعاء، إلى أن قتله بنو مرين غدرا كما نذكره، وانتقل بنوه الى تونس ومعهم صهرهم القاضي أبو الغنم [١] عبد الرحمن بن يعقوب من جالية شاطبة، انتقل هو وقومه إلى طنجة أيام الجلاء، فنزلوا بها وأصهر إليهم بنو الأمير [٢] ، وارتحلوا معهم إلى تونس. وعرف دين القاضي أبي القاسم وفضله ومعرفته بالأحكام والوثائق، واستعمل في حطة القضاء بالحضرة أيام السلطان، وكان له فيها ذكر.

ولمّا بلغ الخبر بمهلك الأمير أبي زكريا إلى صقلّيّة أيضا، وكان المسلمون بها في مدينة بلرم قد عقد لهم السلطان مع صاحب الجزيرة على الإشراك في البلد والضاحية، فتساكنوا حتى إذ بلغهم مهلك السلطان بادر النصارى إلى العيث فيهم فلجئوا إلى الحصون والأوعار، ونصبوا عليهم ثائرا من بني عبس، وحاصرهم طاغية صقلّيّة بمعقلهم من الجبل. وأحاط بهم حتى استنزلهم. وأجازهم البحر إلى عدوته، وأنزلهم بوجاره من عمائرها. ثم تعدى إلى جزيرة مالطة فأخرج المسلمين الذين كانوا بها، وألحقهم بإخوانهم. واستولى الطاغية على صقلّيّة وجزائرها. ومحا منها كلمة الإسلام بكلمة كفره، والله غالب على أمره.


[١] وفي نسخة أخرى: أبو الصنم.
[٢] وفي نسخة أخرى: بنو الأمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>