للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمل من ذلك. فرجع إلى ابن محمد اللحياني، فأجابه إلى ذلك. وبايعه ابن أبي مهدي سرا، ووعده المظاهرة. ونمي الخبر بذلك إلى السلطان من عمّه محمد اللحياني وحذّره من غائلة ابنه، وأبلغه ذلك أيضا القاضي أبو زيد التوزري منتصحا.

وباكر ابن أبي مهدي مقعده للوزارة بباب السلطان لعشرين من جمادى سنة ثمان وأربعين وستمائة، وتقبّض على الوزير أبي زيد بن جامع. وخرج ومشيخة الموحّدين معه، فبايعوا لابن محمد اللحياني بداره، واستركب السلطان أولياءه. وعقد للقائد ظافر على حربهم فخرج في الجند والأولياء، ولقي [١] الموحدين بالمصلّى خارج البلد، ففضّ جمعهم، وقتل ابن أبي مهدي وابن وازكلدن وسار ظافر مولى السلطان إلى دار اللحياني عمّ السلطان فقتله وابنه صاحب البيعة، وحمل رءوسهما إلى السلطان.

وقتل في طريقه أخاه أبا إبراهيم وابنه، وانتهب منازل الموحّدين وخرّبت. ثم سكنت الهيعة وهدأت الثورة، وعطف السلطان على الجند والأولياء وأهل الاصطناع، فأدرّ أرزاقهم ووصل تفقّدهم. وأعاد عبد الله بن أبي الحسين إلى مكانه بعد أن كان هجره أول الدولة، وتزحزح لابن مهدي عن رتبته، وتضاءل لاستطالته، فرجع إلى حاله واستقامت الأمور على ذلك. ثم سعى عند السلطان بمولاه الظافر، وقبّحوا عنده ما أتاه من الافتيات في قتل عميه من غير جرم. ونذر بذلك فخشي البادرة ولحق بالدواودة، وكان المتولي لكبر هذه السعاية هلال مولاه، فعقد له مكانه واستنفر ظافر في جوار العرب طريدا، إلى أن كان من أمره ما كان.

[(الخبر عن الآثار التي أظهرها السلطان في أيامه)]

فمنها شروعه في اختطاط المصانع الملوكيّة، وأولها المصيد بناحية بنزرت. اتخذه للصيد سنة خمسين وستمائة، فأدار سياجا على بسيط من الأرض قد خرج نطاقه عن التحديد، بحيث لا يراع فيه سرب الوحش، فإذا ركب للصيد تخطّى ذلك السياج إلى قوراء في لمّة من مواليه المتخصين [٢] وأصحاب بيزرته [٣] ، بما معهم من


[١] وفي نسخة أخرى: ولحق.
[٢] كذا، والأصح: خصية أو خصيان جمع خصي. وفي نسخة ثانية: المختصين.
[٣] وفي نسخة ثانية: وأصحاب يبرزون.

<<  <  ج: ص:  >  >>