للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَزِيزاً، هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ في قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ، وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَكانَ الله عَلِيماً حَكِيماً ٤٨: ١- ٤.

هذا النوع من الفتح أعني المبين هو من كل الجهات داخل الذهن وخارجة، وهو الّذي خصّت به مكة، وهو أعظم فتح نذر في أيام الدهر والزمان الفرد منه خير من أيام الشهر، وبه تتم النعمة، ويستقيم صراط الهداية، وتحفظ النهاية، وتغفر ذنوب البداية، ويحصل النصر العزيز، ونور السكينة، وتتمكن قواعد مكة والمدينة.

وكلمة الله عاملة في الموجودات بحسب قسمة الزمان. ثم لا يقال إنها متوقفة على شيء، ولا في مكان دون مكان.

وهذا الفتح قد كان بالقصد الأول والقدر الأكمل، للمتبوع الّذي أفاد الكمال الثاني كالسبع المثاني، فإنه هو الإسوة صلّى الله عليه وسلم، وكل نعمة تظهر على سعيد ترجع إليه مثل التي ظهرت على خليقته وعلى يديه. وإن كانت نصبة مولده صلّى الله عليه وسلم ورسالته تقتضي ختم الأنبياء بهذا القرن الّذي نحن فيه، وأمامنا فيه هو ختم الأولياء. فمن فتح عليه بفتح مكة تمّت له النعمة، ورفعت له الدرجة، وضفت عليه الرحمة. ومن وصل سلطانه إليها فقد هدي الرشد وسار على صراطه، ورجح ميزان ترجيحه على أقرانه وأرهاطه. ومن حرم هذا فقد حرم من ذلك، والأمر هكذا.

وسنة الله كذلك، وصلى الله على رسوله الّذي طلع المجد من مدينته بعد ما أطلعه من بلده، ورضي الله عن خليفته المنتخب من عنصر خليفة عمر صاحب نبيه، ثم من عمر صاحبه ووليّه والحمد للَّه على نعمه.

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ١: ١ وصلى الله على سيد ولد آدم محمد. «حم، وَالْكِتابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ، إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ، فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْراً من عِنْدِنا، إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً من رَبِّكَ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» ٤٤: ١- ٦. قد صح أن هذه الليلة فيها تنزل الآيات وترتقب البيّنات، وفيها تخصيص القضايا الممكنة وأحكام الأكوان ويفرق الأمر، ويفسّر الملك الموكل بقبض الأرواح بحمل الآجال في الأزمان، وفيها تقرر خطة الإمامة والملك، وتقيض الإمامة بالهلك، وهي في القول الأظهر في أفضل الشهور، وفي السابع والعشرين منه كما ورد في الحديث المشهور. ثم هي في أمّ القرى وفي حرمها تقدّر بقدر زائد، ويعم فضلها إلّا للحائد عن الفائد،

<<  <  ج: ص:  >  >>