للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيعتهم لأبي القاسم بن أبي زيد، وبعث برءوسهم إلى بسكرة فنصبها بها، وأغذّ السير غازيا إلى أحيائهم وأحلّهم [١] بمكانها من ثنايا الزاب.

وصحبهم هنالك فأجفلوا وتركوا الظهر والكراع والأبنية، فامتلأت أيدي وسدويكش منها، ونجوا بالعيال والولد على الأقتاب، والعساكر في أتباعهم إلى أن أجازوا وادي شدى قبلة الزاب وهو الوادي الّذي يخرج أصله من جبل راشد قبلة المغرب الأوسط ويمرّ إلى ناحية الشرق مجتازا بالزاب إلى أن يصبّ في سبخة نفزاوة من بلاد الجريد.

فلمّا جاز فلّهم الوادي أصحروا إلى المفازات المعطشة والأرض الحرّة السوداء المستحجرة المسمّاة بالحمادة، فرجعت العساكر عنهم، وانقلب السلطان من غزاتة ظافرا، ظاهرا وأنشده الشعراء في التهنئة، ولحق فلّ الزواودة بملوك زناتة فنزل بنو يحيى بن دريد على يغمراسن بن زيّان، وبنو محمد بن مسعود على يعقوب بن عبد الحق، فأجازوهم وأوسعوهم حباء وملئوا أيديهم بالصلات، ومرابطهم بالخيل، وأحياءهم بالإبل ورجعوا إلى مواطنهم فتغلّبوا على واركلة وقصور ريغة واقتطعوها من إيالة السلطان. ثم انحرفوا إلى الزاب فجمع لهم عامله ابن عتّو وكان موطنا بمقرة، ولقيهم على حدود أرض الزاب فهزموه واتبعوه إلى بطاوة [٢] فقتلوه عندها، واستطالوا على الزاب وجبل أوراس وبلاد الحصنة إلى أن اقتطعتهم الدول إيّاها من بعد ذلك، فصارت ملكا لهم، والله تعالى أعلم.

[(الخبر عن طاغية الافرنجة ومنازلته تونس في أهل نصرانيته)]

هذه الأمة المعروفة بالإفرنجة وتسمّيها العامة بالإفرانسيس نسبة إلى بلد من أمهات أعمالهم تسمى إفرانسة، ونسبهم إلى يافث بن نوح، وهم بالعدوة الشمالية من عدوتي هذا البحر الرومي الغربي ما بين جزيرة الأندلس وخليج القسنطينة، مجاورون الروم من جانب الشرق والجلالقة من جانب الغرب. وكانوا قد أخذوا بدين النصرانية مع


[١] وفي نسخة أخرى: حللهم.
[٢] وفي نسخة أخرى: قطاوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>