للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبائل إلى أن احتل بميلة. ووفد عليه من أهل قسنطينة جمع من الرعية [١] بعثهم ابن وزير فأعرض عنهم، وقصد قسنطينة في أوّل ربيع سنة إحدى وثمانين وستمائة فثار بها وجمع الأيدي على حصارها. ونصب المجانيق وقرّب قواعد الرماة، وقاتلها يوما أو بعض يوم، وتسوّر عليهم المعقل من بعض جهاته. وكان المتولي لتسوّره صاحبه محمد ابن أبي بكر بن خلدون، وأبلى بن وزير عند الصدمة حتى أحيط به، وقتل هو وأخوه وأشياعهما، ونصبت رءوسهم بسور البلد. وتمشّى الأمير في سكك البلد مسكّنا ومؤنسا، وأمر برمّ ما تثلّم من الأسوار وبإصلاح القناطر. ودخل إلى القصر وبعث بالفتح إلى أبيه بالحضرة. وجاء أسطول النصارى إلى مرسى القل في مواعدة ابن وزير، فأخفق مسعاهم، وارتحل الأمير أبو فارس ثالثة الفتح إلى بجاية، فدخلها آخر ربيع من سنته، والله أعلم.

[(الخبر عن قيادة ابن السلطان العساكر إلى الجهاد)]

كان السلطان يؤثر أبناءه بمراتب ملكه، ويوليهم خطط سلطانه شغفا بهم وترشيحا لهم، فعقد في رجب سنة إحدى وثمانين لابنه الأمير زكريا على عسكر من الموحدين والجند، وبعثه إلى قفصة للإشراف على جهاتها. وضمّ جبايتها [٢] فخرج إليها وقضى شأنه من حركته، وانصرف إلى تونس في رمضان من سنته. ثم عقد لابنه الآخر أبي محمد عبد الواحد على عسكره، وأنفذه إلى وطن هوّارة لانقضاء مغارمهم وجباية ضرائبهم وفرائضهم، وبعث معه عبد الوهاب بن قائد الكلاعي مباشرا لذلك وواسطة بينه وبين الناس، فانتهى إلى القيروان، وبلغه شأن الدعي وظهوره في دباب بنواحي طرابلس، فطيّر بالخبر إلى السلطان وأقبل على شأنه. ثم انتشر أمر الدعي وانكفأ راجعا إلى تونس، والله تعالى أعلم.


[١] وفي نسخة ثانية: بمكر من الرغبة والتوسل.
[٢] وفي نسخة ثانية: مجابيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>