للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن صهر السلطان مع عثمان بن يغمراسن)]

كان السلطان لما أجاز البحر من الأندلس لطلب ملكه، ونزل على يغمراسن بن زيان بتلمسان، فاحتفل لقدومه وأركب الناس للقائه، وأتاه ببيعته على عادته من سلفه لما علم أنه أحق بالأمر، ووعده النصرة من عدوّه والمؤازرة على أمره، وأصهر إليه في إحدى بناته المقصورات في خيام الخلافة بابنه عثمان تشريفا خطبه منه، فأولاه إسعافا به [١] . ولما استولى السلطان على حضرته واستبدّ بأحوال ملكه بعث يغمراسن ابنه إبراهيم المكنّى بأبي عامر في وفد من قومه لإتمام ذلك العقد، فاعتمد السلطان مبرّتهم وأسعف طلبتهم، وأقاموا بالحضرة أياما، وظهر من إقدامهم في فتن الدعي مقامات، وانصرفوا بظعينتهم سنة إحدى وثمانين وستمائة مجبورين محبورين. وابتغى بها عثمان لحين وصولها فكانت من عقائل قصورهم ومفاخر دولتهم، وذكرا لهم ولقومهم إلى آخر الأيام.

[(الخبر عن ظهور الدعي أبي عمارة وما وقع من الغريب في أمره)]

كان أحمد بن مرزوق أبو عمارة من بيوتات بجاية الطارئين عليها من المسيلة، نشأ ببجاية وسيما محترفا بصناعة الخياطة غرّا غمرا. وكان يحدّث نفسه بالملك لما كان يزعم أن العارفين يخبرونه بذلك. وكان هو يخط فيريه خطه ذلك. ثم اغترب عن بلده ولحق بصحراء سجلماسة واختلط بعرب المعقل وانتمى إلى أهل البيت، وادّعى أنه الفاطمي المنتظر عند الأغمار، وانه يحيل المعادن إلى الذهب بالصناعة، فاشتملوا عليه وحدّثوا بشأنه أياما. أخبرني طلحة بن مظفّر من شيوخ العماريّة إحدى بطون المعقل أنه رآه أيام ظهوره بالمعقل ملتبسا بتلك الدعوى حتى فضحه العجز. ثم لمّا زهدوا فيه لعجز مدّعاه ذهب يتقلّب في الأرض حتى وصل إلى جهات طرابلس، ونزل


[١] وفي نسخة ثانية: فولّاه الإسعاف به.

<<  <  ج: ص:  >  >>