للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على دباب وصحب منهم الفتى نصيرا مولى الواثق بن المستنصر، ويلقّب بري [١] ولما رآه تبين فيه شبها من الفضل ابن مولاه فطفق يبكي ويقبّل قدميه، فقال له ابن أبي عمارة: ما شأنك؟ فقصّ عليه الخبر، فقال: صدقتني في هذه الدعوى وأنا أثئرك من قاتلهم.

وأقبل نصير على أمراء العرب مناديا بالسرور بابن مولاه، حتى خيّل عليهم. ثم نزل بادس إلى ابن أبي عمارة من محاورات وقعت بين العرب وبين الواثق، قصّها عليهم ابن أبي عمارة نفيا للريب بأمره، فصدّقوا واطمأنّوا، وأتوه ببيعتهم. وقام بأمره صرغم [٢] بن صابر بن عسكر أمير دياب وجمع له العرب ونازلوا طرابلس، وبها يومئذ محمد بن عيسى الهنتاتي وشهر بعنق الفضة، فامتنعت عليهم، ورحلوا إلى بحر بين [٣] الموطنين بزيزور وجهاتها من هوارة فأوقعوا بهم. ثم سار في تلك النواحي واستوفى جباية لماية وزواوة وزواغة، وأغرم نفوسة وغريان ونفزة من بطون هوارة وضائع ألزمهم إيّاها واستوفاها. ثم زحف إلى قابس فبايع له عبد الملك بن مكي في رجب سنة إحدى وثمانين وستمائة وأعطاه صفقته طواعية، وفاه بحق آبائه فيما طوّقوه وذريعة إلى الاستقلال الّذي كان يؤمّله، وأعلن بخلافته ونادى بقومه واستخدم له بني كعب بن سليم ورياستهم في بني شيخة [٤] لعبد الرحمن بن شيخة، فأجابوا داعيه وأنابوا إلى خدمته، وتوافت إليه بيعة أهل حزبه والحامية [٥] وقرى نفزاوة. ثم زحف إلى توزر وبلاد قسطيلية فأطاعوه. ثم رجع إلى قفصة فبايع له أهلها، وعظم أمره وعلا صيته. فجهز إليه السلطان أبو إسحاق العساكر من تونس كما نذكره. والله تعالى أعلم.

[(الخبر عن انفضاض عساكر السلطان وتقويضه عن تونس)]

لما تفاقم أمر الدعي بنواحي طرابلس، ودخل الكثير من أهل الأنصار في طاعته،


[١] وفي نسخة أخرى: وتلقّب نوبى.
[٢] وفي نسخة أخرى: مرعم.
[٣] وفي نسخة أخرى: ورحلوا إلى مجريس الموطنين بزنزور.
[٤] وفي نسخة أخرى: بني شيحة.
[٥] وفي نسخة أخرى: بيعة أهل جربه والحامه وقرى نفزاوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>