للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سنة خمس وثمانين وستمائة ظفر العدوّ بجزيرة ميورقة، ركب إليها طاغية برشلونة أساطيله في عشرين ألفا من الرجال المقاتلة ومروا بميورقة كأنهم سفر من التجّار وطلبوا من أبي عمر بن حكم ورئيسها النزول للاستسقاء فأذن لهم. فلمّا تساحلوا آذنوا أهلها بالحرب فتزاحفوا ثلاثا يثخن فيهم المسلمون في كلّها قتلا وجراحة بما يناهز آلافا، والطاغية في بطارقته قاعد عن الزحف، فلمّا كان اليوم الثالث واستولت الهزيمة على قومه زحف الطاغية في العسكر فانهزم المسلمون، ولجئوا إلى قلعتهم فانحصروا بكعابها، وعقدوا لابن حكم ذمة في أهله وحاشيته، فخرجوا إلى سبتة ونزل الباقون على حكم العدوّ، وسار إلى ميورقة [١] واستولى على ما فيها من الذخيرة والعدّة والأمر بيد الله وحده.

وفي سنة ست وثمانين وستمائة بعدها غدر النصارى بمرسى الخزور فاقتحموها بعد أن ثلموا أسوارها واكتسحوا ما فيها، واحتملوا أهلها أسرى وأضرموا بيوتها نارا. ثم مرّوا بمرسى تونس وانصرفوا إلى بلادهم. وفيها أو في سنة تسع وثمانين وستمائة بعدها نازل أسطول العدوّ مدينة المهديّة، وكان فيها الفرسان لقتالها فزحفوا إليها ثلاثا ظفر بهم المسلمون في كلّها. ثم جاء مدد أهل الأجم فانهزم العدوّ حتى اقتحموا عليهم الأسطول، وانقلبوا خائبين وتمت النعمة.

[(الخبر عن استيلاء الأمير أبي بكر زكريا على الثغر المغربي بجاية والجزائر وقسنطينة وأولية ذلك ومصايره)]

كان للأمير أبي بكر زكريا ابن السلطان من الترشيح للأمل بهداه وشرف همّته وحسن ملكته، ومخالطته أهلا لعلم ما يشهد له بحسن [٢] حاله، وهو الّذي اختطّ المدرسة للعلم بإزاء دار الأقوري حيث كان سكناه بتونس، ولما لحق بتلمسان بعد منجاته من مهلك أبيه ببجاية، نزل على صهره عثمان بن يغمراسن بتلمسان، وجاء في أثره أبو الحسن بن أبي بكر بن سيّد الناس صنيعة أبيه وأخيه بعد أن خلص مع السلطان أبي حفص من الواقعة إلى مرماجنّة. فلما بايع له العرب وبدت مخايل الملك، رأى أبو


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: فأجازهم الى جارتهم منورقة.
[٢] وفي نسخة أخرى: بمغبّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>