للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي بكر التينمللي من مشيخة الموحّدين فتذمّم شيخ كثومة به، وبذل له مالا على نصره من عدوّه، فكاتب الحضرة وأعلن بخلاف أهل سداده واحتشد لهم أهل نفطة وتقيوس، وخرج في حشد أهل توزر وغزاهم في بلدهم ولاذ بإعطاء الرهن، وبذل المال فلم يقبل فأمدّهم أهل نفزاوة وزحفوا إليه، فانهزمت جموعه وأثخنوا فيهم قتلا وأسرا إلى توزر، وذلك سنة ست وثمانين وستمائة. ثم عاود غزوهم عقب ذلك ففتحوا عليه [١] ثم عقد لهم سلما على الوفاء بمغارمهم واشترطوا أن لا حكم عليهم في سواها، وأنّ رؤساء نفزاوة منهم، فأمضى شرطهم وكان أوّل استبداد أهل الجريه كما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن خروج عثمان ابن السلطان أبي دبوس داعيا لنفسه بجهات طرابلس)]

كان أبو دبّوس آخر خلفاء بني عبد المؤمن بمراكش لما قتل سنة ثمان وخمسين وستمائة، وافترق بنوه وتقلّبوا في الأرض، لحق منهم عثمان بشرق الأندلس، ونزل على طاغية برشلونة فأحسن تكريمه، ووجد هنالك أعقاب عمّه السيّد أبي زيد المتنصّر أخي أبي دبوس في مثواهم من إيالة العدوّ. وكان لهم هنالك مكان وجاه لنزوع أبيهم السيّد أبي زيد عن دينه إلى دينهم، فاستبلغوا في مساهمة قريبهم هذا الوافد، وخطبوا له عن الطاعة خطبا [٢] . ووافق ذلك حصول مرغم بن صابر بن عسكر شيخ الجواري من بني دياب في قبضة أسره، وكان قد أسره الغزى [٣] من أهل صقلّيّة بنواحي طرابلس سنة اثنتين وثمانين وستمائة وباعوه من أهل برشلونة فاشتراه الطاغية، وقام عنده أسيرا إلى أن نزع إليه عثمان بن أبي دبّوس هذا كما ذكرناه. وشهّر بطلب حق الدعوة الموحّدية [٤] وأمّل الظفر في القاصية لبعدها عن الحامية، فعبر البحر إلى طرابلس، وكان من حظوظ كرامته عند الطاغية أن أطلق له مرغم بن صابر، وعقد له حلفا معه على مظاهرته، وجهّز له أساطيل وشحنها بالمدد


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى فبلخوا عليه. وبلخ: تكبّر وحمق.
[٢] وفي نسخة ثانية: وخطبوا له من الطاغية حظا. وفي نسختنا تحريف ظاهر.
[٣] وفي نسخة ثانية: العدي.
[٤] وفي نسخة ثانية: وشمر بطلب حقه في الدعوة الموحدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>