للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس فاستكتبه، ثم رقّاه واستخلصه لنفسه، وأجرّه رسنه، وتناول زمام الدولة من يد سيّد الناس، فقادها في يد مظفّر [١] خدمته حتى اجتمعت عليه الوجوه وأمّله الخاصّة، وأطلع السلطان على اضطلاعه وكفايته في أمور مخدومه. وهلك أبو الحسين ابن سيّد الناس، فرشّحه السلطان بخطته فقام بها سائر أيامه وصدرا من أيام ابنه الأمير أبي البقاء حتى كان من أمره ما نذكره بعد إن شاء الله تعالى من أمره.

(الخبر عن خروج الزاب عن طاعة الأمير أبي حفص الى طاعة الأمير أبي زكريا وانتظام بسكرة في جماعته)

كان السلطان أبو إسحاق قد عقد على الزاب لفضل بن علي بن مزني من مشيخة بسكرة كما قدمناه، فقام بأمره. ولما هلك السلطان عدا عليه بعض أفاريق العرب الموطّنين قرى الزاب بمداخلة قوم من أعدائه، وقتلوه سنة ثلاث وثمانين وستمائة كما نذكره، وأمّلوا الاستبداد بالبلد فدفعهم عنها المشيخة من بني زيّان [٢] ، واستقلوا بأمر بلدهم وبايعوا للأمير أبي حفص صاحب الحضرة ودانوا بطاعته على السنن.

وتوقعوا عادية منصور بن فضل بن مزني. وكان لحق بالحضرة عند مهلك أبيه فخاطبوا فيه السلطان أبا حفص ورموه بالدواهي فأمر باعتقاله، وأودع السجن سبع سنين إلى أن فرّ منه ولحق بكوفة من أحياء هلال بن عامر، وهم العرب المتولون أمر جبل أوراس، ونزل على الشبه بأفاريقهم فأركبوه وكسبوه ولحق ببجاية سنة اثنتين وتسعين وستمائة فنزل بباب السلطان، ورغّبه في ملك الزاب، وصانع الحاجب ابن أبي حي بأنواع التحف، وضمن له تحويل الدعوة بالزاب للسلطان الأمير أبو زكريا وتسريب جبايته إليه، فاستماله بذلك وعقد له على الزاب وأمدّه بالعسكر، ونازل بسكرة فامتنعت عليه ورأى مشيختها بنو رمان بعدهم عن صريخ تونس. وإلحاح عدوّهم منصور بن فضل عليهم فأعلنوا بطاعة الأمير أبي زكريا وبعثوا إليه ببيعتهم ووفدهم ودفع عادية بن مزني عنهم، فأرجعهم بما أمّلوه من القبول، وأن تكون


[١] وفي النسخة الباريسية: مظهر وفي نسخة ثانية مطهر.
[٢] وفي نسخة أخرى: بني رمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>