للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواثق استبدّ ابن أبي الحسين [١] عليه كما قلناه، فأبقاه على خطته واختصه لنفسه ودرجه في جملته. ثم جاءت دولة السلطان أبي إسحاق فأقامه في رسمه وزاحمه بأبي بكر بن خلدون صاحب أشغاله. وكانت الرئاسة الكبرى على عهده لبنيه أبي فارس، ثم أبي زكريا عبد المؤمن من بعده. ثم كانت قضية الدعي [٢] ، فاستولى على ملكهم فاستخلص أبا القاسم بن الشيخ، واستضاف له إلى خطّة التنفيذ كتاب العلامة في فواتح السجلات. فلما ارتجع للسلطان أبي حفص ملكه وقتل الدعيّ، خافه ابن الشيخ لما كان من رتبته عند الدعيّ، فلاذ بالصلحاء لإثارة من الخير والعبادة وصلت بينهم وبينه فشفعوا له وتقبّلها السلطان، وأظهر لهم ذات نفسه في الحاجة إلى استعماله، وقلّده حجابته مجموعة الى تنفيذ كتاب العلامة في فواتح السجلات. فلما ارتجع السلطان أبو حفص ملكه وقتل الخارج وصرف العلامة إلى غيره من طبقة الدولة، فلم يزل على ذلك إلى أن هلك سنة أربع وتسعين وستمائة وبقي اسم الحجابة من بعده في هذه الخطط الثلاث وأمر التدبير والحرب ورياستهما راجع إلى مشيخة الموحّدين إلى أن تصرفت الأحوال، وأديل بعضها من بعض كما يأتيك أثناء الأخبار، وقلّد السلطان من بعد ابن الشيخ حجابته لأبي عبد الله المحبي [٣] من طبقة الجند فقام بها إلى آخر الدولة، والله وارث الأرض ومن عليها.

[(الخبر عن مهلك السلطان أبي حفص وعهده بالأمر من بعده)]

لم يزل السلطان أبو حفص على أكمل حالات الظهور والدعة إلى أن استوفى مدّته، وأصابه وجع أوّل ذي الحجّة من سنة أربع وتسعين وستمائة ثم اشتدّ به الوجع وأهمّه أمر المسلمين وما قلّده من عدّتهم فعهد لابنه عبد الله بالخلافة ثاني أيام التشريق ونكره الموحدون لتخلّفه عن المراتب لصغره وأنه لم يحتلم وتحدّثوا في ذلك. وأفضى الخبر إلى السلطان فأسخطه، وعدل عنهم إلى الشورى مع الوليّ أبي محمد المرجاني. وكان


[١] وفي نسخة أخرى: ابن الحببّر.
[٢] وفي نسخة أخرى: ثم كانت مضلّة الدعيّ.
[٣] وفي النسخة الباريسية: الشخشي وفي نسخة ثانية التحتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>