للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلطانه. فخرج من بجاية سنة خمس وسبعمائة وقدم على الحضرة رسولا عن سلطانه، فاهتزّت له الدولة ولقي بما يجب له ولمرسله من البرّ، وأنزله شيخ الموحدين ومدبّر الدولة أبو يحيى زكريا بن اللحياني بداره استبلاغا في تكريمه. وقضى من أمر تلك الرسالة حاجة صدره، وكانت بطانة الأمير أبي البقاء لما خلا لهم وجه سلطانهم منه تهافتوا على النصح إليه والسعاية بابن أبي حي عنده.

وشمّر لذلك يعقوب بن عمر وجلّى فيه وتابعه عليه عبد الله الرخامي من كاتب ابن أبي حي وصديقه بما كان ابن طفيل قريبه يسخط عليه الناس، ويوغر له صدورهم ببأوه وتحقيره بهم، فالحّ له العداوة في كل جانحة وأسخطه على عبد الله الرخامي.

وكان صديقه ومداخلة فتولّى من السعاية فيه مع يعقوب بن عمر كبرها، وألقى إلى السلطان أنّ ابن أبي حي داخل صاحب الحضرة في تمكينه من ثغور قسنطينة وبجاية، بما كان على الأمير [١] العامل بقسنطينة صهرا لابن أبي حي، وهو الّذي ولّاه عليها فاستراب السلطان به، وتنكّر له بعد عوده من تونس. وخشي كل منهما بادرة صاحبه. ثم رغب ابن أبي حي في قضاء فرضه وتخلية سبيله إليه، فأسعف وخرج من بجاية ذاهبا إلى الحج، ولحق بالقبائل من ضواحي قسنطينة وبجاية فنزل عليهم وأقام بينهم مدّة. ثم لحق بتونس وأقام بها إلى حين مهلك السلطان أبي عصيدة وبيعة أبي بكر الشهيد، وحضر دخول الأمير أبي البقاء عليه بتونس، وخلص من تيّار تلك الصدمة فلحق بالمشرق وقضى فرضه. ثم عاد إلى المغرب ومرّ بإفريقية ولحق بتلمسان وأغرى أبا حمو بالحركة على بجاية فكان ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن حجابة أبي عبد الرحمن بن عمر ومصاير أمره)]

هو يعقوب بن أبي بكر بن محمد بن عمر السلميّ، وكنيته أبو عبد الرحمن. كان جدّه محمد فيما حدّثني أهل بيتهم قاضيا بشاطبة، وخرج مع الجالية أيام العدوّ إلى


[١] في نسخة أخرى: بما كان علي بن الأمين العامل بقسنطينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>