للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتهى إلى باجة مستغيثا [١] حاميتها إلى تونس.

وكان السلطان أبو يحيى اللحياني قد خرج عنها إلى قابس كما قدّمناه، واستخلف عليها أبا الحسن بن وانودين، وبعث إليه بنهوض السلطان أبي بكر إلى تونس، وأنه محتاج إلى المدافعة، فاعتذر لهم اللحياني بما قبله من الأموال، وأطلق يدهم في الجيش والمال، فأركبوا واستلحقوا ورتّبوا الديوان، وأخرجوا ابنه محمدا ويكنى أبا ضربة فأطلقوه من اعتقاله.

ولقيهم الخبر بإشراف السلطان أبي بكر على باجة، فخرجوا جميعا من تونس، وخالفهم إلى السلطان مولاهم ابن عمر بن أبي الليل. كان مضطغنا على الدولة متربّصا بها، لما كان اللحياني يؤثر عليه أخاه حمزة، فلقي السلطان في دوين باجة، فأعطاه صفقته واستحثّه، ووصل إلى تونس، فنزل روض السنافرة [٢] من رياض السلطان في شعبان من سنة سبع عشرة وسبعمائة وخرج إليه الملأ وتردّدوا في البيعة بعض الشيء انتظارا لشأن أبي ضربة وأصحابه. وكان من خبرهم أنّ السلطان لما أغذ السير من باجة بادر حمزة بن عمر إلى بطانة اللحياني وأوليائه بتونس، فلقيهم وقد خرجوا عنها، فأشار عليهم ببيعة أبي ضربة ابن السلطان اللحياني ومزاحفة القوم به، فبايعوه وزحفوا إلى لقاء السلطان.

ودسّ حمزة إلى أخيه مولاهم أن يزحف بالمعسكر فأجفل السلطان عن مقامته بروض السنافرة لسبعة أيام من احتلاله قبل أن يستكمل البيعة، وارتحل إلى قسنطينة ورجع عنه مولاهم من تخوم وطنه، وسرّح منصور بن مزني إلى عمر ابن عمر بباجة ودخل أبو ضربة بن اللحياني والموحّدون إلى تونس منتصف شعبان من سنته. وبويع بالحضرة البيعة العامّة وتلقّب المستنصر. وأراد أهل تونس على إدارة سور بالأرباض فيكون سياجا عليها، فأجابوه إلى ذلك وشرع فيه، وأوهنه العرب في مطالبهم واشتطّوا عليه في شروطهم إلى أن عاود مولانا السلطان حركته كما نذكر إن شاء الله تعالى.


[١] وفي نسخة أخرى: فانفضّت.
[٢] وفي نسخة أخرى: روض السناجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>