للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومخالصا، فداخله في الاجلاب بابن أبي عمران. فلما خرج السلطان أمام زحفهم تخلّف ابن القالون بتونس، وركب من الغد في البلد مناديا بدعوة ابن أبي عمران.

ودخل محمد بن أبي عمران ثانية خروج السلطان، واستولى على الحضرة وأقام بها بقية سنته، وصدرا من أخرى، ولحق السلطان بقسنطينة فجمع عساكره واحتشد جموعه، وأزاح العلل واستكمل التعبية وزحف منها في صفر سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة وخرج ابن أبي عمران للقائه مع حمزة بن عمر في جموع العرب ولقيهم السلطان أولى وثانية بالرجلة وأوقع بهم، وقتل شيخ الموحّدين أبا عبد الله بن أبي بكر. وكان على مقدّمتهم محمد بن أبي منصور بن مزني وغيره. أثخنت العساكر فيهم قتلا وأسرا، وكان للسلطان فيها ظهور لا كفاء له. ثم تقبّض على مولاهم ابن عمر فكان من خبره ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن مقتل مولاهم بن عمر وأصحابه بن الكعوب)]

لما أتيح للسلطان من الظهور على ابن أبي عمران وأتباعه والظفر بهم ما أتيح، وصنع لهم فيه رغم أنف مولاهم ابن عمر، وظهرت مع أصحابه كلمات أنبأت بفاسد دخلتهم. ثم نمي للسلطان أنّ مولاهم داخل في الفتك به ابنه منصور وربيبه جعدان [١] ومعدان ابني عبد الله بن أحمد بن كعب، وسليمان بن جامع من شيوخ هوارة. وشى بذلك عنهم ابن عمّهم عون ابن عبد الله بن أحمد بعد أن داخلوه فيها، فتنصّح بها للسلطان. فلمّا عدوا على السلطان تقبّض عليهم وبعثهم إلى تونس فاعتقلوا بها، ورجع هو إلى الحضرة فدخلها في جمادى من سنته. وجدّد البيعة على الناس، وزحفت العرب في اتباعه حتى نزلوا بظاهر البلد وشرطوا عليه إطلاق مولاهم وأصحابه، فأنفذ السلطان قتلهم فقتلوا بمحبسهم، وبعث بأشلائهم إلى حمزة فعظم عنده موقع هذا الحزن، وصرخ في قومه وتآمروا أن يثأروا بصاحبهم [٢] .

وأغذّ السير إلى الحضرة وابن أبي عمران معهم على حين افتراق وازاحة السلطان.


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: زعدان.
[٢] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: وتدامروا ان يثيروا بصاحبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>