للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لزفافها من مشيخة الموحدين أبا القاسم بن عتو ومحمد بن سليمان الناسك، وقد مرّ ذكره، فنزلت على وثير من الغبطة والعزّ، وكان الشأن في مهرها وزفافها ومشاهد أعراسها وولائمها وجهازها كله من المفاخر للدولتين، ولم يزل مذكورا على الأيام.

(الخبر عن حركة السلطان الى المغرب وفرار بني عبد الواد وتخريب تيمرزدكت)

مات السلطان أبو سعيد على تفيئة ما قدّمناه من الأخبار آخر سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وولي السلطان أبو الحسن من بعده فبعث إلى أبي تاشفين يخاطبه في الغض عن عنان عيثه ببلاد الموحدين وطغيانه عليها، فلج واستكبر وأساء الردّ، فنهض إليه على سبيل الصريخ لهم سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وطوى البلاد طيا إلى تلمسان، وأفرجت عساكرهم عن بجاية إلى سلطانهم. وتقدّم السلطان أبو الحسن عن تلمسان لمشارفة أحوال بجاية والأخذ بحجزة العدوّ لمحاصرتها وبعث عسكرا من قومه مددا لهم عقد عليهم لمحمد البطوي، وأركبهم أساطيله من سواحل وهران فدخلوا إليها وقوبلوا بما يناسبهم من الكرامة والجراية. واستنهض السلطان أبو الحسن أبا بكر لحصار تلمسان معه كما كان الشرط بين أبيه وبين ابنه الأمير أبي زكريا، فشرع السلطان في جهاز حركته وإزاحة علله. وأقام السلطان أبو الحسن في تاسالة في انتظاره شهرا حتى انصرف فصل الشتاء. وبلغه بمعسكره من تاسالة أنّ أخاه السلطان أبا علي صاحب سجلماسة انتقض عليه وخرج إلى درعة، فقتل عامله عليها بعد أن كان داخله وعقد له على المهادنة والتجافي عنه بمكانه من سجلماسة. فلما بلغه هذا الخبر كرّ راجعا إلى المغرب لإصلاح شأنه. وكان السلطان أبو بكر قد خرج من تونس واحتفل في الحشد والتعبية فانتهى إلى بجاية وبعث مقدّماته إلى ثغور بني عبد الواد المحيطة ببجاية فهزموا كتائبها. ثم زحف بجملته إلى تيمرزدكت، وفرّت عنها الكتائب المجهّزة [١] بها، فأناخ عليها حتى خرّبها وانتهب أموالها وأسلحتها، ونسف آثارها وقفل عنها إلى بلد المسيلة أختها في الغيّ، وموطن أولاد سبّاع بن يحيى من الزواودة، كانت


[١] وفي نسخة أخرى: المجمّرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>