للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الّذي بعثه مددا للمسلمين عند إجازة السلطان أبي الحسن إلى طريف. وكان أخوه زيد بن فرحون قائد ذلك الأسطول بما كان قائده ببحر بجاية، فلما رجع أبو عبد الله ابن فرحون من سفارته تلك أذن له في المقام عند الأمير أبي زكريا واستعمله على حجابته إلى أن هلك فولي من بعده في تلك الخطة ابن القشاش من صنائع دولته. ثم عزله وولّى عليها أبا القاسم بن علناس من طبقة الكتّاب، واتصل بدار هذا الأمير وترقّى في ديوانه إلى أن ولّاه خطة الحجابة. ثم عزله وولى يحيى بن محمد بن المنت الحضرميّ [١] . كان أبوه وعمّه قدما على جالية الأندلس وكانا ينتحلان القراءات.

وأخذ أهل بجاية عن عمّه أبي الحسن علم القراءات، وكان خطيبا بجامع السلطان ونشأ علي ابن أخيه واستعمل في الديوان، وكان طموحا للرئاسة واتصل بحظية كانت للمولى أبي زكريا تسمّى أمّ الحكم قد غلبت على هواه، فرسمت على ابن المنت هذا بخطة الحجابة [٢] واستعمله فيها فقام بها وأصلح معونات السلطان وأحوال مقاماته في سفره، وجهّز له العساكر وجال في نواحي أعماله.

وهلك هذا الأمير في إحدى سفراته وهو على حجابته بتاكرارت من أعمال بجلية من مرض كان أزمن به في ربيع الأوّل سنة سبع وأربعين وسبعمائة وكان ابنه الأمير أبو عبد الله في حجر مولاه فارح بن معلوجي ابن سيّد الناس. وكان اصطنعه فألفاه قابلا للترشيح فأقام مع ابن مولاه ينتظر أمر الخليفة، وبادر حاجبه الأوّل أبو القاسم بن علناس إلى الحضرة وأنهى الخبر إلى الخليفة فعقد على بجاية لابنه الأمير أبي حفص كان معه بالحضرة، وهو من أصاغر ولده، وأنفذه إليها مع رجاله وأولى اختصاصه.

وخرج معه أبو القاسم بن علناس فوصل إلى بجاية ودخلها على حين غفلة. وحمله الأوغاد من البطانة على إرهاف الحدّ وإظهار السطو فخشي الناس البوادر وائتمروا. ثم كانت في بعض الأيام هيعة تمالأ فيها الكافة على التوثّب بالأمير القادم فطافوا بالقصبة في سلاحهم ونادوا بإمارة ابن مولاهم. ثم تسوّروا جدرانها واقتحموا داره وملكوا أمره وأخرجوه برمّته بعد أن انتهبوا جميع موجودة، وتسايلوا إلى دار الأمير أبي عبد الله محمد ابن أميرهم ومولاهم بعد أن كان معتزما على التقويض عنهم واللحاق بالخليفة جدّه. وأذن له في ذلك عمه القادم فبايعوه بداره من البلد. ثم نقلوه من


[١] وفي نسخة ثانية: ثم عزله بعلي بن محمد بن المنت الحضرميّ.
[٢] وفي نسخة ثانية: فرسخت على ابن المنت هذا خطة الحجابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>