للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه البلد لضاغنة كانت له في قلوب الغوغاء من غشيانه نساءهم [١] وطروقه منازلهم أيام جنون الشباب وقضاء لذاته في مرباه. وفتك بأخيه الأمير أبي العبّاس.

ولسرعان ما نصب رأسه على القناة، وداست شلوه هنالك سنابك العسكر، وأصبح آية للمعتبرين. وثارت العامّة بمن كان بالبلد من وجوه العرب ورجالاتهم فقتلوا في تلك الهيعة من كتب عليه القتل. وتلّوا كثيرا منهم إلى السلطان فاعتقلهم، وقتل أبا الهون [٢] بن حمزة بن عمر بن بينهم، وتقبّض على أخويه خالد وعزوز، فأمر بقطعهم من خلاف فقطعوا وكان فيه مهلكهم. واستوسق ملكه بالحضرة واستعمل على حجابتها أبا العبّاس أحمد بن علي بن زين من طبقة الكتّاب، وكان كاتبا للضحشى [٣] الحاجب وبعده للقائد ظافر الكبير. واتصل السلطان أبو بكر لأوّل ملكه بالحضرة فأسف عليّ بن عمر بولاية ابن القالون الحاجب فخاطب السلطان فيه ونكبه. ثم أطلق من محبسه ومضى إلى المغرب ونزل على السلطان ابن سعيد فأجمل نزله، ثم رجع إلى الحضرة ولم يزل مشرّدا أيام السلطان كلّها واستكتب الأمير أبو حفص ولده محمدا وكانت له به وصلة، فلما استوسق له الملك بعد مفرّ أبي محمد بن تافراكين كما ذكرناه، وولّى أباه أبا العبّاس هذا على حجابته، وعقد على حربه وعساكره لظافر مولى أبيه وجدّه المعروف بالسّنان، واستخلص لنجواه وسرّه كاتبه أبا عبد الله محمد بن الفضل ابن نوّار [٤] من طبقة الفقهاء والقضاة ومن أهل البيوت النابهة بتونس، كان له بها سلف مذكور، واتصل بدار السلطان وارتسم بها مكتبا لولده. وقرأ عليه هذا الأمير أبو حفص فيمن قرأ عليه منهم فكانت له من أجل ذلك يد [٥] ومزيد عناية عنده. ولما استبدّ بأمره كان هو مستبدّا بشوراه، وجرت الحال على ذلك إلى أن كان من أمره ما نذكر إن شاء الله تعالى والله تعالى أعلم.


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: أسمارهم.
[٢] وفي نسخة ثانية: أبو الهول.
[٣] وفي نسخة ثانية: للشخشي الحاجب
[٤] وفي نسخة ثانية: ابن نزار.
[٥] وفي نسخة ثانية: خصوصية به.

<<  <  ج: ص:  >  >>