للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله باعتراضهم في جهاته والتقبّض عليهم فأجابه إلى ذلك، وبعث العيون بالمراصد فعثروا في ضواحي بجاية على محمد ابن سلطانهم أبي سعيد عثمان بن عبد الرحمن، وعلى أخيه أبي ثابت الزعيم بن عبد الرحمن وعلى وزيرهم يحيى بن داود بن سليمان فأوثقوهم اعتقالا، وبعث بهم إلى السلطان أبي عنّان. ثم جاء على أثرهم فتلقّاه بالقبول والتكرمة وأنزله بأحسن نزل. ثم دسّ إليه من أغراه بالنزول له عن بجاية رغبة فيما عند السلطان إزاء ذلك من التجلّة والادالة عنها بمكناسة المغرب، الراحة من زبون الجند والبطانة، وأخفافا مما سواه إن لم يعتمده فأجاب إليه على اليأس والكره، وشهد مجلس السلطان والملا من بني مرين بالرغبة في ذلك، فأسعف وانيفت [١] جائزته، واقتطعت له مكناسة من أعمال المغرب. ثم انتزعها لأيام قلائل ونقله في جملته إلى المغرب، وبعث الأمير أبو عنّان مولاه فارحا المستبدّ عليه ليأتيه بأهله وولده، وعقد أبو عنّان على بجاية لعمر بن علي ابن الوزير من بني واطاس، وهم ينتسبون بزعمهم إلى علي بن يوسف أمير لمتونة فاختصّه أبو عنّان بولايتها لمتانة هذا النسب الصنهاجي بينه وبين أهل وطنها منهم. وانصرفوا جميعا من المريّة. ولما احتلوا بجاية تآمر أولياء الدعوة الحفصية ومن بها من صنهاجة والموالي وهجست [٢] رجالاتهم في قتل عمر بن علي الوزير وأشياع بني مرين، وتصدّى لذلك زعيم صنهاجة منصور بن إبراهيم بن الحاج في رجالات من قومه بإملاء فارح كما زعموا.

وغدوا عليه في داره من القصبة فأكبّ عليه منصور يناجيه فطعنه وطعن آخر منهم القاضي ابن مركان [٣] بما كان شيعة لبني مرين. ثم أجهزوا على عمر بن علي ومضى القاضي إلى داره فمات.

واتصلت الهيعة بفارح فركب إليه وهتف الهاتف بدعوة صاحب قسنطينة المولى أبي زيد، وطيّروا إليه بالخبر واستحثّوه للقدوم. وأقاموا على ذلك أياما ثم تآمر الملأ من أهل بجاية في التمسّك بدعوة صاحب المغرب خوفا من بوادره فثاروا بفارح وقتلوه أيام التشريق من سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة وبعثوا برأسه إلى السلطان بتلمسان. وتولى كبر ذلك هلال صاحبه من موالي ابن سيّد الناس ومحمد بن الحاجب أبي عبد الله بن


[١] وفي نسخة ثانية: واسنيت.
[٢] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى تمشت.
[٣] وفي نسخة أخرى: ابن فركان.

<<  <  ج: ص:  >  >>