للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمّال السلطان. ثمّ كانت من بعد ذلك حركة المولى أبي يحيى إلى نواحي طرابلس ودوّخ جهاتها واستوفى جباية أعمالها. وكان بالمهديّة محمد بن الجكجاك استعمله عليها الحاجب أبو محمد بن تافراكين أيام ارتجاعه إيّاها من أيدي أبي العباس بن مكي، والأمير أبي يحيى زكريا المنتزي بها ابن مولانا السلطان أبي بكر كما مرّ. وأقام ابن الجكجاك أميرا عليها بعد موت الحاجب. فلما وخزته شوكة الاستطالة من الدولة، وطلع نحوه قتام العساكر فرق من الاستيلاء عليه، وركب أسطوله إلى طرابلس ونزل على صاحبها أبي بكر بن ثابت لذمّة صهر قديم كان بينهما وبادر مولانا السلطان إلى تسليم المهديّة، وبعث عليها عمّاله وانتظمت في ملكيته واطردت أحوال الظهور والنجح، وكان بعد ذلك ما نذكر إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن فتح جربة وانتظامها في ملك السلطان)]

كان محمد بن أبي القاسم بن أبي العيون منذ ولّاه أبو عبد الله محمد بن تافراكين على هذه الجزيرة، قد تقبّل مذاهب جيرانها من أهل قابس وطرابلس وسائر الجريد في الامتناع على السلطان ومصارفة الاستبداد وانتحاله مذاهب الإمارة وطرقها ولبوس شارتها. وقد ذكرنا سلفه من قبل، وأنّ والده كان صاحب الأشغال بالحضرة أيام الحاجب أبي محمد بن تافراكين وأنه اعتلق بكتابة ابنه أبي عبد الله مولاه على جربة عند افتتاحه إياها سنة [١] وأنه قصده عند مفرّه عن المولى أبي إسحاق لينزل جربة معوّلا على قديم اصطناعه إيّاه فمنعه. ثم داخل شيوخ الجزيرة من بني سمومن في الامتناع على السلطان والاستبداد بأمرهم فأجابوه، وأقام ممتنعا سائر دولة مولانا السلطان [٢] وابنه من بعده.

ولما استولى مولانا السلطان أبو العباس على تونس داخله الروع والوحشة وصار إلى مكاثرة رؤساء الجريد في التظافر على المدافعة بزعمهم، فأجرى في ذلك شأوا بعيدا مع تخلّفه في مضمار بقديمه وحديثه. وصارف السلطان سوء الامتثال وإتيان الطاعة


[١] هكذا بياض بالأصل ولم نستطع تحديد السنة في المراجع التي بين أيدينا
[٢] هو المولى أبو إسحاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>