للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعشرين وستمائة فاختصّوا به، وداخلهم في الانتقاض على أخينا أبي محمد عبد الله عند ما استجمع لذلك، فأجابوه وبايعوه فرعى لهم هذه الوسائل عند ما استبدّ بإفريقية، وأفردهم برياسة الشورى في بلدهم. ثم سموا إلى الاستبداد عند ما فشل ريح الدولة عن القاصية بما حدث من الفتن وانفراد الثغور الغربية بالملك. ولم يزالوا جانحين إلى هذا الاستبداد ورامقين إليه بنظر العين [١] والانتقاض على السلطان، ومداخلة الثّوار والإجلاب بهم على الحضرة. والدولة أثناء ذلك في شغل عنهم وعن سواهم من أهل الجريد منذ أحقاب متطاولة بما كان من انقسام الدولة وإلحاح صاحب الثغور الغربية على مطالبة الحضرة.

ثم استبدّ مولانا السلطان أبو بكر بالدعوة الحفصيّة في سائر عمالات إفريقية وشغله عنهم شاغل الفتنة مع صاحب تلمسان في الإجلاب على الحضرة مع جيوشه ومنازلتهم ثغر بجاية وتسريبه جيوش بني عبد الواد مرّة بعد أخرى مع الأعياص من بني أبي حفص والعرب إلى إفريقية. وكان المتولي الرئاسة بقابس يومئذ عبد الملك بن مكي بن أحمد ابن عبد الملك ورديفه فيها أخوه أحمد، وكانا يداخلان أبا تاشفين صاحب تلمسان في الاجلاب على الحضرة مع جيوشه والثوار القادمين معهم. وربّما خالفوا السلطان إلى الحضرة أزمان مغيبه عنها كما وقع لهم مع عبد الواحد بن اللحياني، وقد مرّ ذكر ذلك. فلما استولى السلطان أبو الحسن على تلمسان وانمحى أثر بني زيّان فزع السلطان أبو بكر لهؤلاء الثّوار الرؤساء بالجريد الدائنين بالانتقاض سائر أيامهم. وزحف إلى قفصة فملكها فذعروا ولحق أحمد بن مكي بالسلطان أبي الحسن متذمما بشفاعته، بعد أن كان الركب الحجازي من المغرب مرّ بقابس وبه بعض كرائم السلطان فأوسعوا حباءهم وسائر الركب قرى وحباء. وقدّموا ذلك وسيلة بين يدي وفادته فقبل السلطان وسيلتهم وكتب إلى مولانا السلطان أبي بكر شافعا فيهم لذمّة السلطان والصهر فتقبّل شفاعته وتجاوز عن الانتقام منهم بما اكتسبوه.

ثم هلك مولانا السلطان أبو بكر وماج بحر الفتنة وعادت الدولة إلى حالها من الانقسام وانسدّت [٢] على صاحب الحضرة وجوه الانتصاف منهم فعاد بنو مكي وسواهم من رؤساء الجريد إلى حالهم من الاستبداد على الدولة. وقطع أسباب الطاعة ومنع المغارم


[١] وفي نسخة ثانية: سانحين إليه بثأر الفتن.
[٢] وفي نسخة ثانية: [؟]

<<  <  ج: ص:  >  >>