للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورحل إلى مشيختهم بتيهرت، وأخذ عن أبي عبيدة منهم أيام اعتقال عبيد الله المهدي بسجلماسة.

ومات أبوه كيداد وتركه على حال الخصاصة والفقر، فكان أهل القيطون يصلونه بفضل أموالهم، وكان يعلّم صبيانهم القرآن ومذاهب النكارية. واشتهر عنه تكفير أهل الملّة وسبّ عليّ فخاف وانتقل إلى تقيّوس. وكان يختلف بينها وبين توزر، وأخذ نفسه بالتغيير على الولاة، ونمي عنه اعتقاد الخروج عن السلطان فنذر الولاة بقصطيلة دمه، فخرج إلى الحجّ سنة عشر وثلاثمائة وأرهقه الطلب فرجع من نواحي طرابلس إلى تقيّوس. ولمّا هلك عبد الله أوعز القائم إلى أهل قصطيلة في القبض عليه، فلحق بالمشرق وقضى الفرض وانصرف إلى موطنه، ودخل توزر سنة خمس وعشرين وثلاثمائة مستترا. وسعى به ابن فرقان عند والي البلد فتقبّض عليه واعتقله، وأقبل سرعان [١] زناتة إلى البلد ومعهم أبو عمّار الأعمى رأس النكارية واسمه كما سبق عبد الحميد، وكان ممن أخذ عنه أبو يزيد فتعرّضوا للوالي في إطلاقه، فتعلّل عليهم بطلبه في الخراج، فاجتمعوا إلى فضل ويزيد ابني أبي يزيد، وعمدوا إلى السجن فقتلوا الحرس وأخرجوه، فلحق ببلد بني واركلا، وأقام بها سنة يختلف إلى جبل أوراس وإلى بني برزال في مواطنهم بالجبال قبلة المسيلة، وإلى بني زنداك من مغراوة إلى أن أجابوه، فوصل إلى أوراس ومعه أبو عمّار الأعمى في اثني عشر من الراحلة، ونزلوا على النكارية بالنوالات [٢] . واجتمع إليه القرابة وسائر الخوارج، وأخذ له البيعة عليهم أبو عمّار صاحبه على قتال الشيعة وعلى استباحة الغنائم والسبي، وعلى أنهم إن ظفروا بالمهديّة والقيروان صار الأمر شورى، وذلك سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة.

وترصّدوا غيبة صاحب باغاية في بعض وجوهه فضربوا على بسيطها، واستباح بعض القصور بها سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وغمس بذلك أيدي البربر في الفتنة. ثم زحف بهم إلى باغاية واستولت عليه وعلى أصحابه الهزيمة فلحقوا بالجبل. وزحف إليهم صاحب باغية فانهزم ورجع إلى بلده، فحاصره أبو يزيد وأوعز أبو القاسم القائم إلى كتامة في إمداد كنون صاحب باغاية، فتلاحقت به العساكر فبيّتهم أبو يزيد وأصحابه


[١] سرعان زناتة: أي اوائلهم السابقون (قاموس) .
[٢] اسم موضع كان يتردد إليه هؤلاء النكادية.

<<  <  ج: ص:  >  >>