للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولما تغلّب) الكعوب من بني سليم على ضواحي إفريقية وأخرجوا منها الزواودة من الرياح أعداء الدولة لذلك العهد، واستظهر بهم السلطان عليهم، اتخذوا إفريقية وطنا من قابس إلى باجة. ثم اشتدّت ولايتهم للدولة وعظم الاستظهار بهم وأقطعهم ملك الدولة ما شاؤه من الأعمال والخراج فكان في أقطاعهم خراج مرنجيصة هؤلاء.

ولمّا كانت وقعة بنو مزين على القيروان وكان بعدها في الفترة ما كان من طغيان الفتنة التي اعتزّ فيها العرب على السلطان والدولة، كان لهؤلاء الكعوب المتغلّبين مدد قوي من أحياء مرنجيصة هؤلاء من الخيل للحملان، والخيالة للاستظهار بأعدادهم في الحروب فصاروا لهم لحمة وخولا، وتملّكوهم تملّك العبيد، حتى إذا اذهب الله بحمى الفتنة وأقام مائل الخلافة والدولة وصار تراث هذا الملك الحفصي إلى الأحق به مولانا السلطان أبي العبّاس أحمد، فانقشع الجو وأضاء الأفق ودفع المتغلّبين من العرب عن أعماله، وقبض أيديهم عن رعاياه وأصار مرنجيصة هؤلاء من صفاياه بعد إنزال العقوبة بهم على لياذهم بالعرب وظعنهم معهم، فراجعوا الحق وأخلصوا في الانحياش ورجعوا إلى ما ألفوه من الغرامة وقوانين الخراج، وهم على ذلك لهذا العهد والله وارث الأرض ومن عليها.

[(الخبر عن مغراوة من أهل الطبقة الأولى من زناتة وما كان لهم من الدول بالمغرب ومبدإ ذلك وتصاريفه)]

هؤلاء القبائل من مغراوة كانوا أوسع بطون زناتة وأهل الباس والغلب منهم، ونسبهم إلى مغراو بن يصلتين بن مسر بن زاكيا بن ورسيك بن ألديرت بن جانا إخوة بني يفرن وبني يرنيان، وقد تقدّم الخلاف في نسبهم عند ذكر بني يفرن، وأمّا شعوبهم وبطونهم فكثير مثل بني يلبث [١] وبني زنداك وبني رواو [٢] ورتزمير وبني أبي سعيد وبني ورميغان والأغواط وبني ريغة وغيرهم ممن لم يحضرني أسماؤهم. وكانت محلّاتهم بأرض المغرب الأوسط من شلف إلى تلمسان إلى جبل مدبولة [٣] وما إليها


[١] وفي نسخة أخرى: بني يليث.
[٢] وفي نسخة أخرى: بني وراق.
[٣] وفي نسخة أخرى: جبل مديونة.

<<  <  ج: ص:  >  >>