للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المغرب، وقدم سنة ست وسبعين وثلاثمائة واختص مقاتلا وزيري ابني عطية بن عبد الله بن خزر بمزيد التكرمة، ولحق نظراؤهما من أهل بيتهما الغيرة من ذلك، فنزع سعيد بن خزرون بن فلفول بن خزر إلى صنهاجة سنة سبع وسبعين وثلاثمائه منحرفا عن طاعة الأموية. ووافى المنصور بن بلكّين بأشير منصرفه من إحدى غزواته، فتلقّاه بالقبول والمساهمة، وبالغ في تكرمته [١] وعقد له على عمل طبنة سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة وخرج للقائه، واحتفل في تكرمته ونزله. وأدركه الموت بالقيروان فهلك لسنته. ووفد ابنه فلفول من مكان عمله، فعقد له على عمل أبيه وخلع عليه، وزفّ إليه ابنته، وسوّغه ثلاثين حملا من المال، وثلاثين تختا من الثياب، وقرّب إليه مراكب بسروج مثقلة وأعطاه عشرة من البنود مذهّبة، وانصرف إلى عمله.

وهلك المنصور بن بلكّين سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وولي ابنه باديس فعقد لفلفول على عمله بطبنة، ولما انتقض زيري بن عطيّة على المنصور بن أبي عامر، وسرّح إليه ابنه المظفّر كما قلناه، فغلبه على أعمال المغرب. ولحق زيري بالقفر، ثم عاج على المغرب الأوسط، ونازل ثغور صنهاجة، وحاصر تيهرت، وبها يطّوفت بن بلكّين.

وزحف إليه حمّاد بن بلكّين من أشير في العساكر من تلكّانة، ومعه محمد بن أبي العرب قائد باديس، بعثه في عساكر صنهاجة من القيروان مددا ليطّوفت. وأوغر إلى فلفول وهو بأشير أن يكون معهم. ولقيهم زيري بن عطيّة ففضّ جموعهم، واستولى على معسكرهم، واضطربت إفريقية فتنة وتنكّرت صنهاجة لمن كان بجهاتها من قبائل زناتة. وخرج باديس بن المنصور من رقادة في العساكر إلى المغرب. ولمّا مرّ بطبنة استقدم فلفول بن سعيد بن خزرون ليستظهر به على حربه، فاستراب واعتذر عن الوصول. وسأل تجديد العهد إلى مقدّم السلطان فأسعف. ثم اشتدّت استرابته ومن كان معه من مغراوة فارتحلوا عن طبنة وتركوها. ولما أبعد باديس رجع فلفول إلى طبنة فعاث في نواحيها، ثم فعل في تيجس [٢] كذلك، ثم حاصر باغاية. وانتهى باديس


[١] بياض بالأصل وفي نسخة ثانية: واستبلغ في ترك الإحن.
[٢] مدينة قديمة عتيقة كانت تسكنها قبيلة ورغروسة من القبائل البربرية ولعلّها تيجيساس التي وصفها مولييراس بأنها مدينة صغيرة جميلة ومرسى بحري وأنها محاطة بالحدائق الغناء (قبائل المغرب/ ص ٣٠٧) (المغرب المجهول ج ٢/ ٢٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>