للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان من شأنه مع زيري ويدوي [١] بن يعلى ما قدّمناه. ثم استقلّ زيري وغلبهم جميعا على المغرب، ثم انتقض على المنصور فأجاز إليه ابنه المظفّر وأخرج زناتة من المغرب الأوسط، فتوغّل زيري في المغرب الأوسط ونازل أمصاره وانتهى إلى المسيلة وأشير. وكان سعيد بن خزرون قد نزع إلى زناتة وملك طبنة. واجتمع زناتة بإفريقية عليه وعلى ابنه فلفول من بعده. وانتقض فلفول على باديس عند زحف زيري إلى المسيلة وأشير، وشغل باديس ثم ابنه المنصور على المغرب الأوسط بحروب فلفول وقومه، ودفعوا إليه حمّاد بن بلكّين فكانت بينه وبين زناتة حروب سجال، وهلك زيري بن عطيّة واستقل المعزّ وابنه بملك المغرب سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وغلب صنهاجة على تلمسان وما إليها، واختط مدينة وجدة كما ذكرنا ذلك كله من قبل.

ونزل يعلى بن محمد مدينة تلمسان فكانت خالصة له، وبقي ملكها وسائر ضواحيها في عقبه. ثم هلك حمّاد بعد استبداده ببلاد صنهاجة على آل بلكّين وشغل بنوه بحرب بني باديس، فاستوسق ملك بني يعلى خلال ذلك بتلمسان، واختلفت أيامهم مع آل حمّاد سلما وحربا. ولما دخل العرب الهلاليون إفريقية وغلبوا المعزّ وقومه عليها واقتسموا سائر أعمالها، ثم تخطوا إلى أعمال بني حمّاد فأحجروهم بالقلعة، وغلبوهم على الضواحي فرجعوا إلى استئلافهم واستخلصوا الأثبج منهم وزغبة، فاستظهروا بهم على زناتة المغرب الأوسط وأنزلوهم بالزاب، وأقطعوهم الكثير من أعماله، فكانت بينهم وبين بني يعلى أمراء تلمسان حروب ووقائع. وكان زغب أقرب إليهم بالمواطن.

وكان أمير تلمسان لعهدهم بختي من ولد يعلى. وكان وزيره وقائد حروبه أبو سعيد ابن خليفة بن [٢] اليفرني، فكان كثيرا ما يخرج بالعساكر من تلمسان لقتال عرب الأثبج وزغبة، ويحتشد من إليها من زناتة من أهل المغرب الأوسط مثل، مغراوة وبني يفرن وبني يلومو وبني عبد الواد وتوجين وبني مرين، وهلك في بعض تلك الملاحم هذا الوزير أبو سعيد أعوام خمسين وأربعمائة.

(ثم ملك) المرابطون أعمال المغرب الأقصى بعد مهلك يحيى [٣] وولاية ابنه العبّاس ابن يحيى بتلمسان. وسرّح يوسف بن تاشفين قائده مزدلي بن [٤] في عساكر


[١] هو يدّو بن يعلى كما في قبائل المغرب وفي أماكن من بعض نسخ ابن خلدون وقد مرّ معنا من قبل.
[٢] بياض بالأصل وفي نسخة أخرى أبو سعدى مكان أبو سعيد.
[٣] وفي نسخة ثانية: بختي.
[٤] بياض بالأصل ولم نستطع تحديد اسم والد هذا القائد في المراجع التي بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>