للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعهد يحيى بن محمد اليفرني رجلا منهم اسمه عنّان، وكان بينهم وبين لواتة الموطنين بالسرسو فتنة متصلة، يذكر أنها بسبب امرأة من وجديجن نكحت في لواتة وتلا، جامعها نساء قيطونهم فعيّرنها بالفقر، فكتبت بذلك إلى عنّان تذمّره [١] ، فغضب واستجاش بأهل عصبته من زناتة وجيرانه، فزحف معه يعلى في بني يفرن وكلمام بن حياتي [٢] في مغيلة وغرابة في مطماطة، ودارت الحرب بينهم وبين لواتة مليا. ثم غلبوا لواتة على بلاد السرسو وانتهوا بهم إلى كدية العابد من آخرها وهلك عنّان شيخ وجديجن في بعض تلك الوقائع بملاكوا من جهات السرسو. ثم لجأت زناتة إلى جبل كريكرة قبلة السرسو، وكان يسكنه أحياء من مغراوة يعرف شيخهم لذلك العهد علاهم ربيب لشيخهم عمر بن تامصا الهالك قبله، ومعنى تامصا بلسان البربر الغول. ولما لجأت لواتة إليه غدر بهم وأغرى قومه، فوضعوا أيديهم فيهم قتلا وسلبا فلاذوا بالفرار ولحقوا بجبل معود [٣] وجبل دراك فاستقرّوا هناك آخر الدهر. وورثت وجديجن مواطنهم بمنداس إلى أن غلبهم عليها بنو يلومين [٤] ، وبنو ومانوكل من جهته، ثم غلب الآخرين عليها بنو عبد الواد، وبنو توجين إلى هذا العهد. والله وارث الأرض ومن عليها.

(وأمّا أوغمرت [٥] ) ويسمى لهذا العهد غمرت، وهم إخوة وجديجن من ولد ورتنيص بن جانا كما قلناه. فكانوا من أوفر القبائل عددا، ومواطنهم متفرّقة، وجمهورهم بالجبال إلى قبلة بلاد صنهاجة من المشنتل إلى اللوسن وكان لهم مع أبي يزيد صاحب الحمار في الشيعة آثار، وأوقع بهم إسماعيل القائم عند ظهوره على أبي يزيد وأثخن فيهم، وكذلك بلكّين وصنهاجة من بعده. ولما افترق أمر صنهاجة لحمّاد وبنيه كانوا شيعا لهم على بني بلكّين. ونزع عن حمّاد أيام فتنته ابن أبي جلى من مشيختهم، وكان مختصا بهم، إلى باديس، فوصله وحمل أصحابه، وعقد له على طبنة وأعمالها. حتى إذا جاء العرب الهلاليون وغلبوهم على الضواحي اعتصموا بتلك الجبال قبلة المسيلة وبلاد صنهاجة، وقعدوا بها عن الظعن، وتركوا القيطون إلى


[١] ذمّره: هدده، وذمره على الأمر: حضّه مع لوم ليجدّ فيه.
[٢] وفي نسخة ثانية: كلمام بن حيّان.
[٣] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة بولاق: العود، وفي نسخة أخرى: يعود.
[٤] وفي نسخة أخرى: يلومي.
[٥] وفي نسخة أخرى: واغمرت.

<<  <  ج: ص:  >  >>