للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبائل البربر بجبل أوراس، يدعوهم جميعا إلى مذهب النكارية، إلى أن ارتحل إلى أوراس، واستبحر عمران هذا المصر واعتصم به بنو واركلا هؤلاء، والكثير من ظواعن زناتة عند غلب الهلاليين إيّاهم على الضواحي، واختصاص الأثبج بضواحي القلعة والزاب وما إليها.

ولما استبد الأمير أبو زكريا بن أبي حفص بملك إفريقية وجال في نواحيها في اتباع بن غانية، مرّ بهذا المصر فأعجبه وكلف بالزيادة في تمصيره، فاختطّ مسجده العتيق ومئذنته المرتفعة، وكتب عليها اسمه وتاريخ وضعه نقشا في الحجر. وهذا البلد لهذا العهد باب لولوج السفر [١] من الزاب إلى المفازة الصحراوية المفضية إلى بلاد السودان يسكنها التجّار الداخلون لها بالبضائع وسكانه لهذا العهد من بني واركلا وأعقاب إخوانهم من بني يفرن ومغراوة، ويعرف رئيسه باسم السلطان، شهرة غير نكيرة بينهم، ورياسته لهذه الأعصار مخصوصة ببني أبي عبدل [٢] ، ويزعمون أنهم من بني واكين إحدى بيوت بني واركلا، وهو لهذا العهد أبو بكر بن موسى بن سليمان من بني أبي عبدل، ورياستهم متصلة في عمود هذا النسب وعلى عشرين مرحلة من هذا في القبلة منحرفا إلى المغرب بيسير بلد تكرت [٣] قاعدة وطن الملثّمين وركاب الحجاج من السودان اختطّه الملثمون من صنهاجة وهم سكانه لهذا العهد، وصاحبه أمير من بيوتاتهم يعرفونه باسم السلطان، وبينه وبين أمير الزاب مراسلة ومهاداة. (ولقد) قدمت على بسكرة سنة أربع وخمسين أيام السلطان أبي عنان في بعض الأغراض السلطانية ولقيت رسول صاحب تكرت عند يوسف بن مزني أمير بسكرة، وأخبرني عن استبحار هذا المصر في العمارة ومرور السابلة، وقال لي: اجتاز بنا هذا العام سفر من تجّار المشرق إلى بلد مالي كانت ركابهم اثني عشر ألف راحلة. وذكر لي غيره أنّ ذلك هو الشأن في كل سنة. وهذا البلد في طاعة سلطان مالي من السودان كما في سائر تلك البلاد الصحراوية المعروفة بالملثمين [٤] لهذا العهد، والله غالب على أمره سبحانه.


[١] بمعنى المسافرين.
[٢] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: أبي غبول.
[٣] وفي نسخة ثانية: تكدت.
[٤] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: باطلستين.

<<  <  ج: ص:  >  >>