للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شلف وما إليه، فكان به بنو ورسيفان وبنو يرنا وبنو ينلت [١] . ويقال إنهم من وترمار وبنو سعيد وبنو زحاك [٢] وبنو سنجاس، وربما يقال إنهم من زناتة وليسوا من مغراوة، وكان بنو خزرون الملوك بطرابلس لما انقرض أمرهم، وافترقوا في البلاد، ولحق منهم عبد الصمد بن محمد بن خزرون بجبل أوراس فرارا من أهل بيته هنالك الذين استولوا على الأمر وجدّه خزرون بن خليفة السادس من ملوكهم بطرابلس، فأقام بينهم أعواما. ثم ارتحل عنهم فنزل على بقايا قومه مغراوة بشلف من بني ورسيفان وبني ورتزمين وبني بوسعيد وغيرهم، فتلقّوهم بالمبرّة والكرامة، وأوجبوا له حق البيت الّذي ينسب إليه فيهم، وأصهر إليهم فأنكحوه وكثر ولده وعرفوا بينهم ببني محمد، ثم بالخزريّة نسبة إلى سلفه الأول. وكان من ولده الملقّب أبو ناس بن عبد الصمد بن ورجيع بن عبد الصمد. وكان منتحلا للعبادة والخيرية، وأصهر إليه بعض ولد ماخوخ ملوك بني وماتوا بابنته، فأنكحه إيّاها، فعظم أمره عندهم بقومه ونسبه وصهره. وجاءت دولة الموحدين على أثر ذلك فرمقوه بعين التجلّة لما كان عليه من طرق الخير، فأقطعوه بوادي شلف وأقام على ذلك. وكان له من الولد ورجيع وهو كبيرهم، وغربي ولغريات [٣] وماكور، ومن بنت ماخوخ عبد الرحمن، وكان أجلّهم شأنا عنده وعند قومه عبد الرحمن هذا، لما يوجبون له بولادة ماخوخ لأمّه، ويتفرّسون فيه أنّ له ولعقبه ملكا.

وزعموا أنه لما ولد خرجت به أمه إلى الصحراء فألقته إلى شجرة وذهبت في بعض حاجاتها، فأطاف به يعسوب من النحل متواقعين عليه، وبصرت به على البعد فجاءت تعدو لما أدركها من الشفقة، فقال لها بعض العارفين: خففي عنك فو الله ليكوننّ لهذا شأن. ونشأ عبد الرحمن هذا في جوّ هذه التجلّة مدلّا بنسبه وبأسه، وكثرت عشيرته من بني أبيه، واعصوصب عليه قبائل مغراوة، فكان له بذلك شوكة. وفي دولة الموحدين تقدمة، لما كان يوجب لهم على نفسه من الانحياش والمخالطة والتقدّم في مذاهب الطاعة. وكان السادة منهم يمرّون به غزواتهم إلى إفريقية ذاهبين وجائين [٤] ، فينزلون منه خير نزل، وينقلبون بحمده والشكر لمذهبه،


[١] وفي النسخة الباريسية: بنو ووترمار وبنو يلتت وفي نسخة ثانية: بنو ووتزمان وبنو ايليت.
[٢] وفي نسخة ثانية: زجاك.
[٣] وفي نسخة ثانية: عزيز ويغريان.
[٤] وفي نسخة ثانية: راجعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>