للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغرب نهض إلى تلمسان سنة تسع وتسعين ومائة، فجدّد مسجدها وأصلح منبرها، وأقام بها ثلاث سنين دوّخ فيها بلاد زناتة. واستوسقت له طاعتهم. وعقد عليها لبني محمد ابن عمه سليمان.

(ولما هلك إدريس) الأصغر واقتسم بنوه أعمال المغربين بإشارة أمّه كنزة، كانت تلمسان في سهمان عيسى بن إدريس بن محمد بن سليمان وأعمالها لبني أبيه محمد بن سليمان. فلما انقرضت دولة الأدارسة من المغرب، وولي أمره موسى بن أبي العافية بدعوة الشيعة، نهض إلى تلمسان سنة تسع عشرة ومائتين وغلب عليها أميرها لذلك العهد الحسن بن أبي العيش بن عيسى بن إدريس بن محمد بن سليمان، ففرّ عنها إلى مليلة، وبنى حصنا لامتناعه بناحية نكور، فحاصره مدّة، ثم عقد له سلما على حصنه.

ولما تغلّب الشيعة على المغرب الأوسط أخرجوا أعقاب محمد بن سليمان من سائر أعمال تلمسان، فأخذوا بدعوة بني أميّة من وراء البحر وأجازوا إليهم. وتغلّب يعلى بن محمد اليفرني على بلاد زناتة والمغرب الأوسط، فعقد له الناصر الأموي عليها وعلى تلمسان أعوام أربعين وثلاثمائة. ولما هلك يعلى وأقام بأمر زناتة بعده محمد بن الخير بن محمد بن خزر داعية الحكم المستنصر فملك تلمسان أعوام ستين وثلاثمائة. وهلك في حروب صنهاجة وغلبوهم على بلادهم، وانجلوا إلى المغرب الأقصى ودخلت تلمسان في عمالة صنهاجة إلى أن انقسمت دولتهم، وافترق أمرهم. واستقلّ بإمارة زناتة وولاية المغرب زيري بن عطيّة، وطرده المنصور عن المغرب أعوام [١] ، فصار إلى بلاد صنهاجة وأجلب عليها، ونازل معاقلهم وأمصارهم مثل تلمسان وهراة [٢] وتنس وأشير والمسيلة. ثم عقد المظفّر بعد حين لابنه المعزّ بن زيري على أعمال المغرب سنة ست وتسعين وثلاثمائة فاستعمل على تلمسان ابنه يعلى بن زيري واستقرّت ولايتها في عقبه إلى أن انقرض أمرهم على يد لمتونة. وعقد يوسف بن تاشفين عليها لمحمد بن تينعمر المسوفي وأخيه تاشفين من بعده، واستحكمت الفتنة بينه وبين المنصور بن الناصر صاحب القلعة من ملوك بني حمّاد، ونهض إلى تلمسان وأخذ بمخنقها، وكاد أن يغلب عليها كما ذكرنا ذلك كله في مواضعه.


[١] بياض بالأصل ولم نستطع معرفة هذه السنة في المراجع التي بين أيدينا.
[٢] وفي نسخة ثانية: وهدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>