للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحينه الخليفة بتونس أبا إسحاق وبعث إليه ببيعته، فراجعه بالقبول وعقد له على عمله على الرسم. ثم خاطب يعقوب بن عبد الحق يخطب منه السلم، لما كان أبوه يغمراسن أوصاه به.

(حدّثنا) شيخنا العلامة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الآيلي قال: سمعت من السلطان أبي حمّو موسى بن عثمان، وكان قهرمانا بداره، قال: أوصى دادا يغمراسن لدادا عثمان (ودادا حرف كناية عن غاية التعظيم بلغتهم) فقال له: يا بني إنّ بني مرين بعد استفحال ملكهم واستيلائهم على الأعمال الغربية وعلى حضرة الخلافة بمراكش، لا طاقة لنا بلقائهم إذا جمعوا الوفور مددهم، ولا يمكنني أنا القعود عن لقائهم لمعرّة النكوص عن القرن التي أنت بعيد عنها. فإيّاك واعتماد لقائهم، وعليك باللياذ بالجدران متى دلفوا إليك، وحاول ما استطعت الاستيلاء على ما جاورك من عمالات الموحّدين وممالكهم يستفحل به ملكك، وتكافئ حشد العدو بحشدك.

ولعلك تصيّر بعض الثغور الشرقية معقلا لذخيرتك. فعلقت وصية الشيخ بقلبه، وعقدا عليها ضمائره، وجنح إلى السلم مع بني مرين ليفرغ عزمه لذلك. وأوفد أخاه محمد بن يغمراسن على يعقوب بن عبد الحق بمكانه من العدوة الأندلسية في إجازته الرابعة إليها فخاض إليه البحر ووصله بأركش، فلقاه برّا وكرامة، وعقد له على السلم ما أحب وانكفّ راجعا إلى أخيه، فطابت نفسه وفرغ لافتتاح البلاد الشرقية، كما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن شأن عثمان بن يغمراسن مع مغراوة وبني توجين وغلبه على معاقلهم والكثير من أعمالهم)]

لما عقد عثمان بن يغمراسن السلم مع يعقوب بن عبد الحق صرف وجهه إلى الأعمال الشرقية من بلاد توجين ومغراوة وما وراءها من أعمال الموحّدين، فتغلّب أولا على ضواحي بني توجين ومغراوة وما وراءها، ودوّخ قاصيتها، وسار إلى بلاد مغراوة كذلك، ثم إلى متيجة فانتسب نعمها وخطم زرعها. ثم تجاوزها إلى بجاية فحاصرها كما نذكره بعد. وامتنعت عليه فانكفّ راجعا ومرّ في طريقه بمازونة، فحاصرها وأطاعته، وذلك سنة ست وثمانين وستمائة ونزل له ثابت بن منديل أمير مغراوة عن

<<  <  ج: ص:  >  >>