للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتبعهم أنفسهم شأن الجهاد. واسفهم يغمراسن وابنه بممالأة الطاغية وابن الأحمر فعقد يوسف بن يعقوب السلم مع الطاغية لحينه، ونزل لابن الأحمر عن ثغور الأندلس التي كانت لهم، وفرغ لحرب بني عبد الواد، واستتب له ذلك لأربع من مهلك أبيه، دلف إلى تلمسان سنة تسع وثمانين وستمائة ولاذ منه عثمان بالأسوار فنازلها صباحا، وقطع شجرها ونصب عليها المجانيق والآلات ثم أحس بامتناعها فأفرج عنها وانكفأ راجعا. وتقبّل عثمان بن يغمراسن مذهب أبيه في مداخلة ابن الأحمر والطاغية، وأوفد رسله عليها فلم يغن ذلك عنه شيئا. وكان مغراوة قد لحقوا بيوسف بن يعقوب بتلمسان فنالوا منه أعظم النيل. فلما أفرجوا عن تلمسان نهض عثمان إلى بلادهم فدوّخها وغلبهم عليها، وأنزل ابنه أبا حمّو بها كما قدّمناه. فلما كانت سنة خمس وتسعين وستمائة نهض يوسف بن يعقوب إلى حركته الثانية فنازل ندرومة، ثم ارتحل عنها إلى ناحية وهران وأطاعه جبل كيدره وتاسكدلت رباط عبد الحميد ابن الفقيه أبي زيد اليرناسي [١] ثم كرّ راجعا إلى المغرب. وخرج عثمان بن يغمراسن فأثخن في تلك الجبال لطاعتهم عدوّه واعتراضهم جنده، واستباح رباط تاسكدلت.

ثم أغزاه يعقوب بن يوسف ثالثة سنة ست وتسعين وستمائة ثم رجع إلى المغرب. ثم أغزاه رابعة سنة سبع وتسعين وستمائة فتأثّل [٢] تلمسان وأحاط بها معسكره وشرعوا في البناء. ثم أفرج عنها لثلاثة أشهر، ومرّ في طريقه بوجدة، فأمر بتجديد بنائها وجمع الفعلة عليها. واستعمل أخاه أبا يحيى بن يعقوب على ذلك، وأقام لشأنه، ولحق يوسف بالمغرب. وكان بنو توجين قد نازلوا تلمسان مع يوسف بن يعقوب، وتولّى كبر ذلك منهم أولاد سلامة أمراء بني يدللتين، وأصحاب القلعة المنسوبة إليهم. فلما أفرج عنها خرج إليهم عثمان بن يغمراسن فدوّخ بلادهم وحاصرهم بالقلعة ونال منهم أضعاف ما نالوا منه، وطال مغيبه في بلادهم، فخالفه أبو يحيى بن يعقوب إلى ندرومة فاقتحمها عنوة بعسكره بمداخلة من قائدها زكريا بن يخلف بن المطغري صاحب توقت [٣] . فاستولى بنو مرين على ندرومة وتوقت، وجاء يوسف بن يعقوب على أثرها فوافاهم ودلفوا جميعا إلى تلمسان. وبلغ الخبر إلى عثمان بمكانه من


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: اليزناسني.
[٢] وفي نسخة ثانية: فنازل.
[٣] وفي نسخة ثانية: ثاونت.

<<  <  ج: ص:  >  >>