للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت ولايتها [١] من قبل، فلم يزل هو واليا عليها إلى أن أسنّ وهرم. كان ابن علّان من مشيخة الجزائر مختصا به، ومنتصبا في أوامره ونواهيه، ومصدّرا لإمارته وحصل له بذلك الرئاسة على أهل الجزائر سائر أيامه. فلمّا هلك ابن أكمازير حدّثته نفسه بالاستبداد والانتزاء بمدينته، فبعث عن أهل الشوكة من نظائره ليله هلاك أميره. وضرب أعناقهم وأصبح مناديا بالاستبداد، واتخذ الآلة واستركب واستلحق من الغرباء والثعالبة عرب متيجة، واستكثر من الرجال والرماة. ونازلته عساكر بجاية مرارا فامتنع عليهم. وغلب مليكش على جباية الكثير من بلاد متيجة، ونازلة أبو يحيى بن يعقوب بعساكر بني مرين عند استيلائهم على البلاد الشرقية، وتوغلهم في القاصية، فأخذ بمخنقها وضيّق عليها، ومرّ بابن علّان القاضي أبو العبّاس الغماري رسول الأمير خالد إلى يوسف بن يعقوب، فأودعه الطاعة للسلطان والضراعة إليه في الإبقاء، فأبلغ ذلك عنه وشفع له، فأوعز إلى أبيه يحيى بمسالمته [٢] . ثم نازلة الأمير خالد بعد ذلك فامتنع عليه وأقام على ذلك أربع عشرة سنة وعيون الخطوب تحدّده [٣] ، والأيام تستجمع لحربه. فلمّا غلب السلطان أبو حمو على بلاد توجين واستعمل يوسف بن حبون الهواري على وانشريس، ومولاه مسامحا على بلاد مغراوة، ورجع إلى تلمسان. ثم نهض سنة اثنتي عشرة وسبعمائة الى بلاد شلف فنزل بها، وقدم مولاه مسامحا في العساكر فدوّخ متيجة من سائر نواحيها، وترس بالجزائر، وضيّق حصارها حتى مسهم الجهد وسأل ابن علّان النزول على أن يشترط لنفسه، فتقبّل السلطان اشتراطه، وملك السلطان أبو حمو الجزائر وانتظمها في أعماله. وارتحل ابن علّان في جملة مسامح، ولحقوا بالسلطان بمكانه من شلف فانكفأ إلى تلمسان وابن علّان في ركابه، فأسكنه هنالك ووفّي له بشرطه إلى أن هلك والبقاء للَّه سبحانه.

(الخبر عن حركة صاحب المغرب الى تلمسان وأولية ذلك)

لما خرج عبد الحق بن عثمان من أعياص الملك على السلطان أبي الربيع بفاس،


[١] بياض بالأصل وفي نسخة اخرى: لبطة، وفي ثانية: ليطة.
[٢] وفي نسخة ثانية: بمصالحته.
[٣] وفي نسخة ثانية: تحرزه.

<<  <  ج: ص:  >  >>