للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخدمته في مرباه ومنتشئه، كان منهم: هلال المعروف بالقطاني [١] ، ومسامح المسمّى بالصغير، وفرج بن عبد الله وظافر ومهديّ وعليّ بن تاكررت وفرج الملقب شقّورة، وكان ألصقهم وأعلقهم بنفسه تلاد له منهم يسمى هلالا، وكان أبو حمو أبوه كثيرا ما يقرّعه ويوبّخه إرهاقا في اكتساب الخلال، وربما يقذع في تقريعه لما كان عفا الله عنه فحاشا فيحفظه لذلك. وكان مع ذلك شديد السطوة متجاوزا بالعقاب وحدوده في الزجر والأدب، فكان أولئك العلوجين تحت رهب منه، وكانوا يغرون لذلك مولاهم أبا تاشفين بأبيه، ويبعثون غيرته لما يذكرون له من اصطفاء ابن أبي عامر دونه. وقارن ذلك أن مسعود بن أبي عامر أبلى في لقاء محمد ابن يوسف الخارج على أبي حمو البلاء الحسن عند ما رجع من حصار بجاية، فاستحمد له السلطان ذلك، وعيّر ابنه عبد الرحمن بمكان ابن عمّه هذا من النجابة والصرامة يستجد له بذلك خلالا ويغريه بالكمال. وكان عمّه أبو عامر إبراهيم بن يغمراسن ثري بما نال من جوائز الملوك في وفاداته، وما أقطع له أبوه وأخوه سائر أيامهما.

ولما هلك سنة ست وتسعين وستمائة أوصى أخاه عثمان بولده فضمهم إليه، ووضع تراثهم بموضع ماله، حتى يأنس منهم الرشد في أحوالهم، حتى إذا كانت غزاة ابنه أبي سرحان هذه، وعلا فيها ذكره وبعد صيته، رأى السلطان أبو حمو أن يدفع إليه تراث أبيه لاستجماع خلاله، فاحتمل إليه من المودع. ونمي الخبر إلى ولده أبي تاشفين وباطنته السوء من العلوجين، فحسبوه مال الدولة قد حمل إليه لبعد عهدهم بما وقع في تراث أبي عامر أبيه، واتهموا السلطان بإيثاره بولاية العهد دون ابنه، فأغروا أبا تاشفين بالتوثّب على الأمر وحملوه على الفتك بمشتويه مسعود بن أبي عامر، واعتقال السلطان أبي حمو ليتمّ له الاستبداد. وتحيّنوا لذلك قائلة الهاجرة عند منصرف السلطان من مجلسه، وقد اجتمع إليه ببعض حجر القصر خاصته من البطانة وفيهم مسعود بن أبي عامر والوزراء من بني الملاح. وكان بنو الملاح هؤلاء قد استخصهم السلطان بحجابته سائر أيامه، وكان مسمّى الحجابة عنده قهرمة الدار والنظر في الدخل والخرج، وهم أهل بيت من قرطبة كانوا يحترفون فيها بسكّة الدنانير


[١] وفي نسخة ثانية: القطلاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>