للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي الليل وطالب بن مهلهل، الغملان المتزاحمان في رياسة الكعوب. ومحمد بن مسكين من بني القوس كبراء حكيم، فاستحثوه للحركة واستصرخوه على إفريقية، وبعث معهم العساكر لنظر قائده موسى بن علي ونصب لهم إبراهيم بن أبي بكر الشهيد من أعياص الحفصيّين. وخرج مولانا السلطان أبو يحيى من تونس للقائهم وخشيهم على قسنطينة فسابقهم إليها، فأقام موسى بن عليّ بعساكره على قسنطينة، وتقدّم إبراهيم بن أبي بكر الشهيد في أحياء سليم إلى تونس فملكها كما ذكرناه في أخبارهم. وامتنعت قسنطينة على موسى بن علي فأقلع [١] عنها لخمس عشرة ليلة من حصارها وعاد إلى تلمسان. ثم أغزاه السلطان سنة ست وعشرين وسبعمائة في الجيوش وعهد إليه بتدويخ الضاحية ومحاصرة الثغور، فنازل قسنطينة وأفسد نواحيها. ثم رجع إلى بجاية فحاصرها، ثم عزم على الإقلاع ورأى أن حصن بكر غير صالح لتجهيز الكتائب إليها لبعده، وارتاد للبناء عليها ما هو أقرب منه، فاختط بمكان سوق الخميس بوادي بجاية مدينة لتجهيز الكتائب لها على بجاية، وجمع الأيدي على بنائها من الفعلة والعساكر، فتمت لأربعين يوما وسمّوها تامزيزدكت باسم الحصن القديم الّذي كان لبني عبد الواد قبل الملك بالجبل قبلة وجدة، وأنزل بها عساكر تناهز ثلاثة آلاف، وأوعز السلطان إلى جميع عمّاله ببلاد المغرب الأوسط بنقل الحبوب إليها حيث كانت، والأدم وسائر المرافق حتى الملح، وأخذ الرهن من سائر القبائل على الطاعة واستوفوا جبايتهم. فثقلت وطأتهم على بجاية واشتدّ حصارها وغلت أسعارها.

(وبعث) مولانا السلطان أبو يحيى جيوشه وقوّاده سنة سبع وعشرين وسبعمائة فسلكوا إلى بجاية على جبل بني عبد الجبّار، وخرج بهم قائدها أبو عبد الله بن سيّد الناس إلى ذلك الحصن. وقد كان موسى بن عليّ عند بلوغ خبرهم إليه استنفر الجنود من ورائه، وبعث إلى القوّاد قبله بالبراز فالتقى الجمعان بضاحية تامزيزدكت، فانكشف ابن سيّد الناس ومات ظافر الكبير مقدّم الموالي من العلوجين بباب السلطان واستبيح معسكرهم. ولمّا سخط السلطان قائده موسى بن عليّ ونكبه كما نذكره في أخباره أغزى يحيى بن موسى السنوسيّ في العساكر إلى إفريقية ومعه القوّاد، فعاثوا في


[١] وفي نسخة ثانية: فأفرج عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>